الآية 53 وقوله تعالى : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ } قال بعض أهل التأويل : إن الآية نزلت في شأن الوحشيّ [ الذيٍ ]{[18006]} قتل حمزة بن عبد المطلب في الجاهلية ؛ إنه أراد أن يُسلِم{[18007]} ، فذكر ما كان منه من [ قتله حمزة ]{[18008]} رضي الله عنه فظن أنه لا يقبل منه لعظم جنايته ، فنزلت الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُنبئه ، ويخبره{[18009]} أنه لا يقبل منه بعد ذلك ، والله أعلم .
وقال بعضهم : لا ، ولكن ناسا قد أصابوا ذنوبا عظاما في الجاهلية من نحو القتل والزنى وكبائر ، فأشفقوا ألا يثاب عليهم ، فأنزل الله هذه الآية يدعوهم إلى التوبة والإسلام ، وأطمع لهم القبول منهم والتجاوز عما كان منهم ، وهو كأنه أشبه وأولى ، لأن الوحشيّ من كان حتى يُنزل الله الآية بشأنه خاصة ؟
ثم قوله عز وجل : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ } [ يحتمل وجهين :
أحدهما : كأنه يقول يا عبادي ، الذين جنوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ]{[18010]} فإن قنوطكم من رحمة الله وإياسكم منه [ أنه ]{[18011]} لا يغفر ، ولا يتجاوز ، وذلك أعظم وأقطع إذا رجع أحدهما إلى نفسه والآخر إلى رحمة الله وفضله .
والثاني : يقول : إنكم ، وإن أسرفتم في ما ارتكبتم من الكبائر والفواحش ، وأعرضتم عن أمر الله ، فلا تقنطوا من رحمة الله بعد إذ تبتم عما كنتم فيه ، ورجعتم عما كان منكم في الوقت الذي [ كانت أنفسكم في أيديكم يُقبل ذلك منكم ، ويُتجاوز . فأما في الوقت الذي ]{[18012]} خرجت أنفسكم من أيديكم ، فلا يُقبل ذلك منكم ، وهو وقت نزول العذاب [ بكم وإشرافه عليكم ]{[18013]} لأن التوبة في ذلك الوقت توبة اضطرار وتوبة دفع العذاب عن أنفسكم كقوله عز وجل { فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده } [ غافر : 84 ] والله أعلم .
ثم أخبر أنه لا ينفعهم الإيمان في ذلك الوقت الذي خرجت أنفسهم من أيديهم حين{[18014]} قال عز وجل : { فلم يكُ ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا } [ غافر : 85 ] والله أعلم .
وقوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا } لمن يشاء { إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } .
وذكر عن علي بن أبي طالب ، كرّم الله وجهه ، أنه قال : أرجى آية في القرآن هذه الآية ، وذكر أن سورة الزمر كلها نزلت بمكة إلا هذه الآية فإنها /471 – ب/ نزلت بالمدينة ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.