تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلۡنَٰهُ نِعۡمَةٗ مِّنَّا قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمِۭۚ بَلۡ هِيَ فِتۡنَةٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (49)

الآية 49 وقوله تعالى : { فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا } لا يحتمل أن يكون أراد كل إنسان [ لأنه لا كل إنسان يكون كما ]{[17985]} وصف عز وجل [ ولكن أريد به ]{[17986]} إنسان دون إنسان ، ولا يجب أن يشار إلى واحد أنه فلان .

وكذلك ما ذكر من مس الضر به ، لا يشار ضُرّ [ دون ضر ]{[17987]} ولكن ما أعلم الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم أنه ماذا ؟ لأن ذلك يخرّج مخرج الشهادة على الله عز وجل والامتناع عن{[17988]} الإشارة إليه والتسمية له أسلم .

ثم كانت عادة أولئك الكفرة ، لعنهم الله ، عند نزول البلاء بهم والشدة الفزع إلى الله عز وجل وإخلاص الدعاء له . فبعد الكشف عنهم ذلك والرفع العَوْد إلى ما كانوا من قبل على ما ذكرهم في غير آية{[17989]} من القرآن .

ثم قوله عز وجل { إذا خوّلناه نعمة منا } أي أعطيناه نعمة ، أو ملّكناه نعمة .

وقوله عز وجل : { قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ } [ قال بعضهم : أي ]{[17990]} على حيلة مني أعطيت ذلك . وقال بعضهم : [ إنما أوتيته على } شرف ومنزلة علمه الله مني . وقال قتادة : على خير علِمه الله عندي . وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه : إنما أتانيه الله على علم . وقال بعضهم ما ذكرنا { إنما أوتيته على علم } وشرف أعطيت ذلك .

قال الله عز وجل ردًّا بقوله : { بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ } والفتنة المحنة التي فيها شدة ، أي بل هي محنة ، فيها شدة وبلاء . والمحنة من الله بأمر وبنهي ، أي فيها أمر ونهي { وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } أنها لم تعط لفضل وشرف له أو حيلة منه ، ولكن{[17991]} لأمر ونهي ، والله أعلم .


[17985]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: ما.
[17986]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: ولكنه.
[17987]:من م، ساقطة من الأصل وم.
[17988]:من م، في الأصل: على.
[17989]:في الأصل وم: آي.
[17990]:في الأصل وم: أي.
[17991]:في الأصل وم: ولكنه.