تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (55)

الآيتان 54 و55 وقوله تعالى : { متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وجنى الجنتين دان } [ { فبأي آلاء ربكما تكذبان } ]{[20354]} : قال الفراء : يجوز أن تكون البطانة والظهارة جميعا من شيء واحد ومن جهة واحدة . لكن سمى الجهة التي تلي أجسادهم بطانة والأخرى ظهارة كالسماء{[20355]} : إن الجهة [ التي ]{[20356]} تلي الملائكة هي بطانتهم وظهارتها ، وما تلينا/544-أ/ ظهارتهم وبطانتهم . وكذلك كل شيء يلي إنسانا ، فهو بطانة ، والجانب الذي لا يليه ظهارة ؛ يقال : هذا ظهر السماء للجانب الذي تراه ، والآخر بطن السماء ، والله أعلم .

وقال القتبي : لا ، ولكن ذكر البطانة من إستبرق ، ولم يذكر الظهارة ، والعرف في الناس أن ظهارة فرشهم أنفس من البطانة ، والبطانة دون الظهارة .

فعلى ذلك في ذكر البطانة ووصفها دلالة أن ظهارتها أرفع وأنفس من البطانة .

لكن ما قاله : الفراء صحيح ، وما ذكره القتبي ، هو من صنيع الناس في الدنيا من اتخاذ الظهارة فوق البطانة لما لا تحتمل أملاكهم التسوية بين ما بطن وما ظهر في النفاسة والرفعة .

فأما الله سبحانه وتعالى فلا نفاذ لخزائنه ، يفعل ما يشاء ، وكيف يشاء .

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : قد أخبرتم بالبطائن ، فكيف بالظهارة ؟ ثم الإستبرق اختلف فيه : قيل : هو ما غلظ منه بلسان قوم . وقال بعضهم : هو ما دق ، ورق ، والله أعلم . ولا نفسره نحن أنه ، ما هو ، و كيف هو ، ولكن نعلم أنه شيء ؛ ، قد وعد لهم ربهم ، وهو شيء ، ترغب فيه أنفسهم ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وجنى الجنتين دان } جائز أن يكون ذكر هذا في حق السابقين الذين سارعوا في الخيرات ، واستبطؤوا{[20357]} ما وعد لهم ربهم بما لم يروا لطاعاتهم قيمة ، ويغلبهم{[20358]} خوفهم في التقصير في العمل لله تعالى الواجب عليهم{[20359]} و في أوامره و نواهيه ، فقال : { وجنى الجنتين دان } الذي وعد لكم .

وقال{[20360]} أهل التأويل : إنه{[20361]} الشجر [ وإنه يقترب منهم ]{[20362]} حين يتناوله{[20363]} الرجل كيف شاء .

لكن يذكر هذا ، والله أعلم : أن الجنتين إن بعدتا فإن الثمار منهم دانية .

قال أبو عوسجة : الجنى الحمل ، واجتنت الشجرة الجنى إذا حملت ، وأدرك حملها


[20354]:ساقطة من الأصل و م.
[20355]:من م، في الأصل: كالأسماء.
[20356]:من م، ساقطة من الأصل.
[20357]:من م، في الأصل: واستيفوا.
[20358]:في الأصل و م: ويغلبه.
[20359]:في الأصل و م: عليه.
[20360]:في الأصل و م:وإن.
[20361]:في الصل و م: أي.
[20362]:في الأصل و م: وإن منهم قربت.
[20363]:في الأصل و م: يتناولها.