النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قَالَ سَوۡفَ أَسۡتَغۡفِرُ لَكُمۡ رَبِّيٓۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} (98)

قوله عز وجل : { قال سوف أستغفر لكم ربي } وفي تأخيره الاستغفار لهم وجهان :

أحدهما : أنه أخره دفعاً عن التعجيل ووعداً من بعد ، فلذلك قال عطاء : طلب الحوائج إلى الشباب أسهل منها عند الشيوخ ، ألا ترى إلى قول يوسف : { لا تثريب عليكم اليوم } وإلى قول يعقوب : { سوف أستغفر لكم ربي } .

الثاني : أنه أخّره انتظاراً لوقت الإجابة وتوقعاً لزمان الطلب .

وفيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : عند صلاة الليل ، قاله عمرو بن قيس .

الثاني : إلى السحَر ، قاله ابن مسعود وابن عمر . روى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أخرهم إلى السحر لأن دعاء{[1574]} السحر مستجار " .

الثالث : إلى ليلة الجمعة قاله ابن عباس ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً .

وإنما سألوه{[1575]} عن الاستغفار لهم وإن كان المستحق في ذنوبهم التوبة منها دون الاستغفار لهم ثلاثة أمور :

أحدها : للتبرك بدعائه واستغفاره . الثاني : طلباً لاستعطافه ورضاه . الثالث : لحذرهم من البلوى والامتحان في الدنيا


[1574]:في الأصل لأن معنى السحر، ولا معنى له.
[1575]:سقط من ق.