تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{قَالَ سَوۡفَ أَسۡتَغۡفِرُ لَكُمۡ رَبِّيٓۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} (98)

{ قال سوف أستغفر لكم ربي . . . } .

أي : سوف أتضرع إلى ربي ؛ لكي يغفر لكم ذنوبكم .

{ إنه هو الغفور الرحيم } .

إنه سبحانه كثير المغفرة ، كثير الرحمة لمن شاء أن يغفر له ، ويرحمه من عباده .

قال الزجاج : أراد يعقوب أن يستغفر لهم في وقت السحر ؛ لأنه أخلق بإجابة الدعاء ، ولم يعجل بالدعاء ؛ لعظيم جريمتهم . فأراد أن يخلص لله الدعاء ، ويتحرى ساعة الإجابة ؛ شفقة على أولاده لعل الله أن يتجاوز عنهم .

وقد روى : عن ابن عباس : أن يعقوب عليه السلام أخر الدعاء إلى السحر ؛ لأن الدعاء فيه مستجاب وروى عنه أيضا : أنه أخره إلى ليلة الجمعة . وفي رواية : عن طاووس : سحر ليلة الجمعة ، وجاء ذلك في حديث طويل رواه الترمذي وحسنه عن ابن عباس يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

ويذكر المفسرون هنا : مقارنة بين موقف يوسف ، وموقف يعقوب ؛ فيوسف رد على إخوته في الحال قائلا : { لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين } ؛ لأنه موقف ملك قادر ، أراد أن يطمئن إخوته ؛ حتى لا يستبد بهم جزع أو هلع .

أما يعقوب فهو أب حكيم ، أراد أن يؤخر الاستغفار ؛ حتى تصدق توبتهم ، ويعظم ندمهم ، وهو أسلوب مناسب في التربية .