النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{إِنَّهُۥ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ} (14)

{ إنَّه ظَنَّ أن لن يَحُورَ } أي لن يرجع حياً مبعوثاً فيحاسب ثم يثاب أو يعاقب ، يقال : حار يحور ، إذا رجع ، ومنه الحديث : " أعوذ بالله من الحْور بعد الكْور " ، يعني من الرجوع إلى النقصان بعد الزيادة ، وروي : " بعد الكوْن{[3231]} " ، ومعناه انتشار الأمر بعد تمامه .

وسئل معمر عن الحور بعد الكْون فقال : الرجل يكون صالحاً ثم يتحول امرء سوء .

وقال ابن الأعرابي : الكُنْتّي : هو الذي يقول : كنت شاباً وكنت شجاعاً ، والكاني : هو الذي يقول : كان لي مال وكنت أهب وكان لي خيل وكنت أركب{[3232]} ، وأصل الحور الرجوع ، قال لبيد :

وما المرءُ إلا كالشهاب وضوئه *** يَحُورُ رماداً بَعْد إذ هو ساطعُ .

وقال عكرمة وداود بن أبي هند : يحور كلمة بالحبشية ، ومعناها يرجع وقيل للقصار حواري{[3233]} لأن الثياب ترجع بعمله إلى البياض .


[3231]:الكون هنا: مصدر كان التامة، يقال كان يكون كونا أي وجد واستقر.
[3232]:هذه العبارات جاءت كأمثلة والمراد أنه الذي يباهي بما فيه فيقول كنت كذا وكان لي كذا.
[3233]:ومنه الخبز الحواري لأنه أبيض.