الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِنَّهُۥ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ} (14)

قوله : { أَن لَّن } : هذه " أَنْ " المخففةُ كالتي في أول القيامة ، وهي سادَّةٌ مَسَدَّ المفعولَيْن أو أحدِهما على الخلاف . و " يَحُوْرُ " معناه يَرْجِعُ . يقال : حار يَحُورُ حَوْراً . قال لبيد :

وما المَرْءُ إلاَّ كالشِّهابِ وضَوْءُه *** يَحُوْرُ رَماداً بعد إذ هو ساطعٌ

ويُسْتعمل بمعنى صار فيَرْفع الاسمَ ويَنْصِبُ الخبرَ عند بعضِهم ، وبهذا البيتِ يَسْتَدِلُّ قائِلُه . ومَنْ منع نَصَبَ " رماداً " على الحال . وقال الراغب : " الحَوْرُ التردُّد : إمَّا بالذاتِ وإمَّا بالفكرة . وقولُه تعالى : { إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ } ، أي : لن يُبْعَثَ . وحار الماءُ في الغَديرِ ، تَرَدَّد فيه . وحار في أمْرِه وتَحَيَّر ، ومنه " المِحْوَرُ " للعُوْدِ الذي تجري عليه البَكَرة لتردُّدِه . وقيل : " نعوذُ بالله من الحَوْرِ بعد الكَوْر " ، أي : مِنْ التردُّد في الأمر بعد المُضِيِّ فيه ، ومحاورةُ الكلام : مراجعتُه " .