اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّهُۥ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ} (14)

قوله : { إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ } . معنى «يَحُور » أي : يرجع ، يقال : حَارَ يَحُورُ حَوْرَاً ؛ قال لبيدٌ : [ الطويل ] .

5139- ومَا المَرْءُ إلاَّ كالشِّهابِ وضَوْئِهِ *** يَحُورُ رَمَادَاً بَعْدَ إذْ هُوَ سَاطِعُ{[59682]}

ويستعمل بمعنى : «صار » ، فيرفع الاسم وينصب الخبر عند بعضهم مستدلاً بهذا البيت ، وموضع نصب «رماداً » على الحال .

وقال الراغب : «الحَوْرُ : التردد في الأمر ، ومنه : «نعوذ بالله من الحور بعد الكور » ، أي : من التردد في الأمر بعد المضي فيه ، ومحاورة الكلام : مراجعته ، والمحور : العود الذي تجري فيه البكرة لترددها عليه ، والمحار : المرجع والمصير » .

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - : ما كنت أدري ما معنى : «حَوْر » حتى سمعت أعرابياً يقول لابنته : «حُورِي » أي : ارجعي{[59683]} .

وقال عكرمة وداود بن أبي هند : «يَحُور » : كلمة بالحبشية ، ومعناها : يرجع{[59684]} .

قال القرطبي : «ويجوز أن تتفق الكلمتان ، فإنَّهما كلمة اشتقاق ، ومنه : الخبز الحُوارى ، لأنه يرجع إلى البياض » .

والحُور أيضاً : الهلاك .

قال الراجز : [ الرجز ] .

5140- *** فِي بِئْرِ لا حُورٍ سَرَى ولا شَعَرْ{[59685]} ***

وقوله تعالى : { أَن لَّن يَحُورَ } : «أن لن » هذه «أن » المخففة كالتي في أوَّل سورة القيامة ، وهي سادَّة مسد المفعولين ، أو أحدهما على الخلاف .


[59682]:تقدم.
[59683]:ينظر تفسير القرطبي (19/180).
[59684]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/548) عن عكرمة وعزاه إلى عبد بن حميد. ومثله عن ابن عباس ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/548) وعزاه إلى الطستي في مسائله والطبراني.
[59685]:تقدم.