فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّهُۥ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ} (14)

وجملة : { إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ } تعليل لكونه كان في الدنيا في أهله مسروراً ، والمعنى : أن سبب ذلك السرور ظنه بأنه لا يرجع إلى الله ، ولا يبعث للحساب والعقاب لتكذيبه بالبعث وجحده للدار الآخرة ، و «أن » في قوله : { أَن لَّن يَحُورَ } هي : المخففة من الثقيلة سادّة مع ما في حيزها مسدّ مفعولي ظنّ ، والحور في اللغة : الرجوع ، يقال حار يحور : إذا رجع ، وقال الراغب : الحور التردّد في الأمر ، ومنه نعوذ بالله من الحور بعد الكور : أي من التردّد في الأمر بعد المضيّ فيه ، ومحاورة الكلام مراجعته ، والمحار المرجع والمصير . قال عكرمة وداود بن أبي هند : يحور كلمة بالحبشية ، ومعناها يرجع . قال القرطبي : الحور في كلام العرب : الرجوع ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : «اللهم إني أعوذ بك من الحور بعد الكور » يعني : من الرجوع إلى النقصان بعد الزيادة ، وكذلك الحور بالضم ، وفي المثل حور في محار : أي نقصان في نقصان ، ومنه قول الشاعر :

والدم يسفى ورادّ القوم في حور *** . . .

والحور أيضاً : الهلكة ، ومنه قول الراجز :

في بئر لا حور سرا وما شعر *** . . .

قال أبو عبيدة : أي في بئر حور ، ولا زائدة .

/خ25