الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{وَيَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡجِبَالِ فَقُلۡ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسۡفٗا} (105)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: ويسألك يا محمد قومك عن الجبال، فقل لهم: يذريها ربي تذرية، ويطيرها بقلعها واستئصالها من أصولها، ودكّ بعضها على بعض، وتصييره إياها هباء منبثا.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

ثم قال لنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا) قيل: إنه يجعلها بمنزلة الرمل، ثم يرسل عليها الرياح فتذريها كتذرية الطعام عن القشور والتراب. وقيل: إن الجبال تصير كالهباء.

الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي 468 هـ :

{ويسألونك عن الجبال} سألوا النبي صلى الله عليه وسلم كيف تكون الجبال يوم القيامة {فقل ينسفها ربي نسفا} يصيرها كالهباء المنثور حتى تستوي مع الأرض وهو قوله {فيذرها قاعا صفصفا}.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما أخبر عن بعض ما سبق ثم عن بعض ما يأتي من أحوال المعرضين عن هذا الذكر فيما ينتجه لهم إعراضهم عنه، وختم ذلك باستقصارهم مدة لبثهم في هذه الدار، أخبر عن بعض أحوالهم في الإعراض فقال: {ويسألونك عن الجبال} ما يكون حالها يوم ينفخ في الصور؟ شكا منهم في البعث وقوفاً مع الوهم في أنها تكون موجودة على قياس جمودهم لا محالة، لأنها أشد الأشياء قوة، وأطولها لبثاً، وأبعدها مكثاً، فتمنع بعض الناس من سماع النفخ في الصور، وتخيل للبعض بحكم رجع الهواء الحامل للصوت أنه آتٍ من غير جهته فلا يستقيم القصد إلى الداعي {فقل} أي فتسبب عن علمنا بأنهم يسألونك هذا السؤال أنا نقول لك: قل، أو يكون على تقدير شرط، أي فإذا سألوك فقل لهم، وهذا بخلاف ما نزل بعد وقوع السؤال عنه مثل الروح و قصة ذي القرنين فإن الأمر بجوابه على طريق الاستئناف لما هناك من استشراف النفس للجواب {ينسفها} أي يقلعها من أماكنها ويذريها بالهواء {ربي} المحسن إليّ بنصري في يوم القيامة نصراً لا يبلغ كنهه {نسفاً} عند النفخة الأولى.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

لما جرى ذكر البعث ووصف ما سينكشف للذين أنكروه من خطئهم في شبهتهم بتعذر إعادة الأجسام بعد تفرق أجزائها ذكرت أيضاً شبهة من شبهاتهم كانوا يسألون بها النبي صلى الله عليه وسلم سؤال تعنت لا سؤال استهداء، فكانوا يحيلون انقضاء هذا العالم ويقولون: فأيْن تكون هذه الجبال التي نراها... وسواء كان سؤالهم استهزاء أم استرشاداً، فقد أنبأهم الله بمصير الجبال إبطالاً لشبهتهم وتعليماً للمؤمنين...

وأكد {ينسفها نسفاً} لإثبات أنه حقيقة لا استعارة. فتقدير الكلام: ونحشر المجرمين يومئذ زرقاً... إلى آخره، وننسف الجبال نسفاً، فقل ذلك للذين يسألونك عن الجبال.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

تتابع هذه الآيات الكلام في الآيات السابقة عن الحوادث المرتبطة بانتهاء الدنيا وبداية القيامة. ويظهر من الآية الأُولى أنّ الناس كانوا قد سألوا النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن مصير الجبال عند انتهاء الدنيا، وربّما كان ذلك لأنّهم لم يكونوا يصدّقون إمكانية تصدّع وزوال هذه الجبال العظيمة التي امتدّت جذورها في أعماق الأرض وشمخت رؤوسها إلى السّماء، وإذا كان بالإمكان قلعها من مكانها فأي هواء أو طوفان له مثل هذه القدرة؟ ولذلك يقول: (ويسألونك عن الجبال) والجواب: (فقل ينسفها ربّي نسفاً). يستفاد من مجموع آيات القرآن حول مصير الجبال أنّها تمرّ عند حلول القيامة بمراحل مختلفة: فهي ترجف وتهتزّ أوّلا: (يوم ترجف الأرض والجبال). ثمّ تتحرّك: (وتسير الجبال سيراً). وفي المرحلة الثّالثة تتلاشى وتتحوّل إلى كثبان من الرمل: (وكانت الجبال كثيباً مهيلا) وفي المرحلة الأخيرة سيزحزحها الهواء والطوفان من مكانها ويبعثرها في الهواء وتبدو كالصوف المنفوش: (وتكون الجبال كالعهن المنفوش).