الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{قَالُوٓاْ ءَأَنتَ فَعَلۡتَ هَٰذَا بِـَٔالِهَتِنَا يَـٰٓإِبۡرَٰهِيمُ} (62)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: فأتوا بإبراهيم، فلما أتوا به قالوا له: أأنت فعلت هذا بآلهتنا من الكسر بها يا إبراهيم؟ فأجابهم إبراهيم: بل فعله كبيرهم هذا وعظيمهم، فاسألوا الآلهة من فعل بها ذلك وكسرها إن كانت تنطق أو تعبر عن نفسها...

عن قَتادة، قوله:"بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهِمْ هَذَا..." وهي هذه الخصلة التي كادهم بها.

وقد زعم بعض من لا يصدّق بالآثار ولا يقبل من الأخبار إلا ما استفاض به النقل من العوامّ، أن معنى قوله: "بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهِمْ هَذَا "إنما هو: بل فعله كبيرهم هذا إن كانوا ينطقون فاسألوهم، أي إن كانت الاَلهة المكسورة تنطق فإن كبيرهم هو الذي كسرهم. وهذا قول خلاف ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم لم يكذب إلا ثلاث كذبات كلها في الله، قوله: "بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهِمْ هَذَا"، وقوله: "إنّي سَقِيمٌ"، وقوله لسارة: هي أختي. وغير مستحيل أن يكون الله تعالى ذكْره أذِن لخليله في ذلك، ليقرّع قومه به، ويحتجّ به عليهم، ويعرّفهم موضع خطئهم، وسوء نظرهم لأنفسهم، كما قال مؤذّن يوسف لإخوته: أيّتُها العيرُ إنّكُمْ لَسارِقُونَ ولم يكونوا سرقوا شيئا.

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

طلبوا منه الإقرار والاعتراف بما فعل.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

هذا من معاريض الكلام، ولطائف هذا النوع لا يتغلغل فيها إلا أذهان الراضة من علماء المعاني. والقول فيه أنّ قصد إبراهيم صلوات الله عليه لم يكن إلى أن ينسب الفعل الصادر عنه إلى الصنم، وإنما قصد تقريره لنفسه وإثباته لها على أسلوب تعريضي يبلغ فيه غرضه من إلزامهم الحجة وتبكيتهم، وهذا كما لو قال لك صاحبك وقد كتبت كتاباً بخط رشيق وأنت شهير بحسن الخط: أأنت كتبت هذا؟ وصاحبك أمّيّ لا يحسن الخطّ ولا يقدر إلا على خرمشة فاسدة؟! فقلت له: بل كتبته أنت، كان قصدك بهذا الجواب تقريره لك مع الاستهزاء به، لا نفيه عنك وإثباته للأمّيّ أو المخرمش، لأنّ إثباته -والأمر دائر بينكما للعاجز منكما- استهزاء به وإثبات للقادر، ولقائل أن يقول: غاظته تلك الأصنام حين أبصرها مصطفة مرتبة، وكان غيظ كبيرها أكبر وأشدّ لما رأى من زيادة تعظيمهم له، فأسند الفعل إليه لأنه هو الذي تسبب لاستهانته بها وحطمه لها، والفعل كما يسند إلى مباشره يسند إلى الحامل عليه. ويجوز أن يكون حكاية لما يقول إلى تجويزه مذهبهم، كأنه قال لهم: ما تنكرون أن يفعله كبيرهم. فإنّ من حق من يعبد ويدعى إلها أن يقدر على هذا وأشدّ منه. ويحكى أنه قال: فعله كبيرهم هذا غضب أن تعبد معه هذه الصغار وهو أكبر منها...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

طلبوا منه الاعتراف بذلك ليقدموا على إيذائه، فظهر منه ما انقلب الأمر عليهم حتى تمنوا الخلاص منه.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان إحضاره معلوماً أنهم لا يتأخرون عنه، استأنف إخبار لما يقع التشوف له فقال: {قالوا} منكرين عليه مقررين، له بعد حضوره على تلك الهيئة: {ءأنت فعلت هذا} الفعل الفاحش {بآلهتنا يا إبراهيم}.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا} أي: التكسير {بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ}؟ وهذا استفهام تقرير، أي: فما الذي جرأك، وما الذي أوجب لك الإقدام على هذا الأمر؟.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(قالوا: أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟).. فهم ما يزالون يصرون على أنها آلهة وهي جذاذ مهشمة.

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

والسؤال يتضمن استفهاما وملاما واستنكارا للفعل، ولذا قرن باسم خليل الله تعالى، ففيه لوم شديد، وفي ذكر الاسم نوع من تهويل فعله.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

وأخيراً تشكّلت المحكمة، وكان زعماء القوم قد اجتمعوا هناك، ويقول بعض المفسّرين: إنّ نمرود نفسه كان مشرفاً على هذه المحاكمة، وأوّل سؤال وجّهوه إلى إبراهيم (عليه السلام) هو أن: (قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم)؟ هؤلاء لم يكونوا مستعدّين حتّى للقول: أأنت حطّمت آلهتنا وجعلتها قطعاً متناثرة؟ بل قالوا فقط: أأنت فعلت بآلهتنا ذلك؟