اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالُوٓاْ ءَأَنتَ فَعَلۡتَ هَٰذَا بِـَٔالِهَتِنَا يَـٰٓإِبۡرَٰهِيمُ} (62)

قوله :

{ أَأَنْتَ فَعَلْتَ } . في «ءَأَنْتَ » وجهان :

أحدهما : أنه فاعل بفعل مقدر يفسره الظاهر بعده ، والتقدير : أفعلت هذا بآلهتنا فلمّا حذف الفعل انفصل الضمير .

والثاني : أنه مبتدأ والخبر بعد الجملة{[28836]} .

والفرق بين الوجهين من حيث اللفظ واضح ، فإنَّ الجملة من قوله «فَعَلْتَ » الملفوظ بها على الأول لا محل لها ، لأنها مفسرة ومحلها الرفع على الثاني ، ومن حيث المعنى أنّ الاستفهام إذا دخل على الفعل أشعر بأنَّ الشك إنما تعلق به ( هل وقع أم لا ؟ من غير شك في فاعله . وإذا دخل على الاسم وقع الشك فيه{[28837]} ) هل هو الفاعل أم غيره ؟ والفعل غير مشكوك في وقوعه ، بل هو واقع فقط .

فإذا قلت : أَقَامَ زَيْدٌ ؟ كان شكك في قيامه . وإذا قلت : أَزَيْدٌ قَامَ ؟ وجعلته مبتدأ كان شكك في صدور الفعل منه أم من عمرو .

والوجه الأولى هو المختار عند النحاة ، لأنَّ الفعل تقدم ما يطلبه ، وهو أداة الاستفهام{[28838]} .


[28836]:انظر البحر المحيط 6/324.
[28837]:ما بين القوسين سقط من ب.
[28838]:لأن همزة الاستفهام يغلب دخولها على الأفعال. انظر البحر المحيط 63/324.