الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{قَٰلَ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلٗاۖ لَّوۡ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (114)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قال الله لهم: ما لبثتم في الأرض إلا قليلاً يسيرا لو أنكم كنتم تعلمون قدر لبثكم فيها.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون} ولكن لا تعلمون.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{إن لبثتم إلا قليلاً} مقصده على القول بأن اللبث في الدنيا، أي قليل القدر في جنب ما تعذبون، على القول بأن اللبث في القبور معناه أنه قليل، إذ كل آت قريب ولكنكم كذبتم به إذ كنتم لا تعلمون، إذ لم ترغبوا في العلم والهدى.

زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي 597 هـ :

أي: ما لبثتم في الأرض {إِلاَّ قَلِيلاً} لأن مكثهم في الأرض وإن طال، فإنه متناهٍ، ومكثهم في النار لا يتناهى. وفي قوله: {لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} قولان: أحدهما: لو علمتم قدر لبثكم في الأرض. والثاني: لم علمتم أنكم إلى الله ترجعون، فعملتم لذلك.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{لو أنكم كنتم تعلمون} فبين في هذا الوجه أنه أراد أنه قليل لو علمتم البعث والحشر، لكنكم لما أنكرتم ذلك كنتم تعدونه طويلا.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان ذلك على تقدير تسليمه لا ينفعهم لأن الجزاء بالعذاب على عزمهم على التمادي في العناد على مرّ الآباد، المصدق منهم بالانهماك في الفساد، أجابهم إلى قصدهم في عدهم بعبارة صالحة صادقة على مدة لبثهم طال أو قصر، بقوله على طريق الاستئناف لمن تشوف إلى معرفة جوابهم: {قال} أي الله على قراءة الجماعة، وبينت قراءة حمزة والكسائي أن إسناد القول إليه سبحانه مجاز عن قول بعض عباده العظماء فقال على طريق الأول: {قل} أي لهؤلاء الذين وقع الإعراض عنهم {إن} أي ما {لبثتم} أي في الدنيا {إلا قليلاً} أي هو من القلة بحيث لا يسمى بل هو عدم {لو أنكم كنتم} أي كوناً هو كالجبلة {تعلمون} أي في عداد من يعلم في ذلك الوقت، لما آثرتم الفاني على الباقي، ولأقبلتم على ما ينفعكم، وتركتم الخلاعة التي لا يرضاها عاقل، ولا يكون على تقدير الرضا بفعلها إلا بعد الفراغ من المهم، ولكنكم كنتم في عداد البهائم، وفي ذلك تنبيه للمؤمنين الذين هم الوارثون على الشكر على ما منحهم من السرور بإهلاك أعدائهم وإيراثهم أرضهم وديارهم، مع إعزازهم والبركة في أعمارهم، بعد إراحتهم منهم في الدنيا، ثم بإدامة سعادتهم في الآخرة وشقاوة أعدائهم.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والاستفهام عن عدد سنوات المكث في الأرض مستعمل في التنبيه ليظهر لهم خطؤهم إذ كانوا يزعمون أنهم إذا دفنوا في الأرض لا يخرجون منها...

ولم يعرج المفسرون على تبيين المقصد من سؤالهم وإجابتهم عنه وتعقيبه بما يقرره في الظاهر. والذي لاح لي في ذلك أن إيقافهم على ضلال اعتقادهم الماضي جيء به في قالب السؤال عن مدة مكثهم في الأرض كناية عن ثبوت خروجهم من الأرض أحياءً وهو ما كانوا ينكرونه، وكناية عن خطأ استدلالهم على إبطال البعث باستحالة رجوع الحياة إلى عظام ورفات.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُون}، ولكنّكم لم تعرفوا ذلك، لأنكم لم تشاءوا معرفته عبر ما منحه الله لكم من نوافذ المعرفة، ولو عرفتم قصر العمر في الدنيا، وسرّ الخلود في الآخرة، لعرفتم جيداً، ولوعيتم أن الدنيا هي ساحة المسؤولية في حركة الإنسان، في ما يقوم به من عملٍ، وأنّ الآخرة هي ساحة الحصول على نتائج المسؤولية، تماماً كما هو الزرع والحصاد.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

وهنا يؤنّبهم الله ويستهزئ بهم "قال إن لبثتم إلاّ قليلا لو أنّكم كنتم تعلمون". فسوف يدركون يوم القيامة مدى قصر عمر الدنيا المحدود بالنسبة لعمر الآخرة الممدود، فالعمر الأوّل ما هو إلاّ كلمحة بصر. ولكنّهم كانوا يتصوّرونه خالداً، لأنّ حجب الغفلة وآثارها قد أسدلت على قلوبهم، فحجبتها عن رؤية الحقّ، فاستهانوا بالآخرة وحسبوها وعداً آجلا بعيداً، لهذا قال لهم الله عزّ وجلّ: لو أنّكم كنتم تعلمون لأدركتم هذه الحقيقة التي توصّلتم إليها يوم القيامة في دنياكم.