الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتۡ عَلَيۡنَا شِقۡوَتُنَا وَكُنَّا قَوۡمٗا ضَآلِّينَ} (106)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا} التي كتبت علينا {وكنا قوما ضالين} عن الهدى.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"قالُوا رَبّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا"... قالوا: ربنا غلبت علينا ما سبق لنا في سابق علمك وخطّ لنا في أمّ الكتاب...

وقوله: "وكُنّا قَوْما ضَالّينَ "يقول: كنا قوما ضَلَلْنا عن سبيل الرشاد وقصد الحقّ.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا} أما ما قال أهل التأويل: {غلبت علينا شقوتنا}: كتب علينا من الشقاوة، فإنه لا يحتمل، لأنهم يقولون ذلك القول اعتذارا لما كان منهم من التفريط في أمره والتضييع، فلا يحتمل أن يطلبوا لأنفسهم عذرا في ما كان منهم؛ إذ لو كان ما ذكر أولئك لكان في ذلك طلب العذر لأنفسهم، وهم في ذلك الوقت لا يطلبون عذرا لأنفسهم، ولكن يقرون بما كان منهم كقوله: {فاعترفوا بذنبهم} (الملك: 11). لكن يحتمل وجهين: أحدهما: يقولون: ربنا شقينا بأعمالنا التي عملناها، وظلمنا أنفسنا {وكنا قوما ضالين}. والثاني: عملنا أعمالا استوجبنا بتلك الأعمال جزاء، فنحن أولى بذلك الجزاء، فغلب علينا جزاء تلك الأعمال، أو كلام نحو هذا.

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

...الشقوة...:المضرّة اللاحقة في العاقبة. والسعادة هي المنفعة اللاحقة في العاقبة...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

حكى الله تعالى عن هؤلاء الكفار أنهم يعترفون على نفوسهم بالخطأ، ويقولون "ربنا غلبت علينا شقوتنا"... فالمعاصي شقوة، تؤدي إلى العقاب الدائم... وقوله: "وكنا قوما ضالين "اعتراف منهم على نفوسهم أنهم ضلوا عن الحق في الدنيا وزمان التكليف.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{غَلَبَتْ عَلَيْنَا}: ملكتنا، من قولك: غلبني فلان على كذا، إذا أخذه منك وامتلكه. والشقاوة: سوء العاقبة التي علم الله أنهم يستحقونها بسوء أعمالهم.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

... قال الجبائي: المراد أن طلبنا اللذات المحرمة وحرصنا على العمل القبيح ساقنا إلى هذه الشقاوة، فأطلق اسم المسبب على السبب. وليس هذا باعتذار منهم لعلمهم بأن لا عذر لهم فيه، ولكنه اعتراف بقيام حجة الله تعالى عليهم في سوء صنيعهم...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ثم استأنف جوابهم بقوله: {قالوا ربنا} أيها المسبغ علينا نعمه {غلبت علينا شقوتنا} أي أهواؤنا التي قادتنا إلى سوء الأعمال التي كانت سبباً ظاهراً للشقاوة.

ولما كان التقدير: فكنا معها كالمأسورين، تؤزنا إليها الشياطين أزاً، عطف عليه قوله {وكنا} أي بما جبلنا عليه {قوماً ضالين} في ذلك عن الهدى، أقوياء في موجبات الشقوة، فكان سبباً للضلال عن طريق السعادة.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وكأنما يخيل إليهم -وقد سمعوا هذا السؤال- أنهم مأذونون في الكلام، مسموح لهم بالرجاء. وأن الاعتراف بالذنب قد يجدي في قبول الرجاء.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

الغلب حقيقته: الاستيلاء والقهر. وأطلق هنا على التلبس بالشقوة دون التلبس بالسعادة. ومفعول {غلبت} محذوف يدل عليه {شقوتنا} لأن الشقوة تقابلها السعادة، أي غلبت شقوتنا السعادة... مُثِّلَت حالة اختيارهم لأسباب الشقوة بدل أسباب السعادة بحالة غائرة بين السعادة والشقاوة على نفوسهم. وإضافة الشقوة إلى ضميرهم لاختصاصها بهم حين صارت غالبة عليهم...

وزيادة قوله {قوماً} على أن الضلالة من شيمتهم وبها قوام قوميتهم...

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

{وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ}، أي استمررنا ضالين، لأن "كان "تدل على الاستمرار، أي عشنا حياتنا كلها ضالين الحق مجانبين الصواب، وذكر (قوما) للدلالة على أنهم تعاونوا على الإثم والعدوان، وقاوموا الحق، وضلوا مجتمعين.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

فقد خضعنا لبعض التأثيرات التاريخية، في ما ورثناه من آبائنا وأجدادنا، أو لبعض المؤثرات الاجتماعية، في ما اكتسبناه من البيئة التي تأثرنا بها، في دوائرها الصغيرة أو الكبيرة، أو لبعض النوازع الذاتية التي استسلمنا، من خلالها، لشهواتنا وأطماعنا، فمنعتنا عن السير في طريق الله، {وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّين}، لم نهتد إلى الطريق المستقيم، لأن قلوبنا كانت في غفلةٍ عن ذلك كله.