الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{رَبِّ مُوسَىٰ وَهَٰرُونَ} (48)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قائلين:"آمَنّا بِرَبّ الْعَالَمِينَ" الذي دعانا موسى إلى عبادته دون فرعون وملئه "رَبّ مُوسَى وَهَارُونَ".

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

" رب موسى وهارون "وإنما خص رب موسى وهارون بالذكر دون غيرهما، وان كان رب كل شئ، للبيان عن المعني الذي دعا إلى ربوبيته موسى وهارون، لأن الجهال كانوا يعتقدون ربوبية فرعون، فكان إخلاصهم على خلاف ما يقوله الأغبياء...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{رَبِّ موسى وهارون} عطف بيان لرب العالمين، لأنّ فرعون لعنة الله عليه كان يدعي الربوبية، فأرادوا أن يعزلوه. ومعنى إضافته إليهما في ذلك المقام: أنه الذي يدعو إليه هذان، والذي أجرى على أيديهما ما أجرى.

أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :

{رب موسى وهارون} إبدال للتوضيح ودفع التوهم والإشعار على أن الموجب لإيمانهم على أيديهما.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ثم خصوه كشفاً لتلبيس فرعون بما لا يحتمل غيره فقالوا بياناً: {رب} ولم يدع داع هنا إلى العدول عن الأصل، فقال عبارة عن كلامهم: {موسى وهارون} أي اللذين أحسنا إلينا بالتنبيه عليه، والهداية إليه، وصدقهما بما أجرى على أيديهما.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 46]

ولو كان ما جاء به موسي سحرا، لبقيت حبالهم وعصيهم بعد أن خيل لهم وللناس أن حية موسى ابتلعتها. ولكنهم ينظرون فلا يجدونها فعلا! عندئذ لا يملكون أنفسهم من الإذعان للحق الواضح الذي لا يقبل جدلا. وهم أعرف الناس بأنه الحق: (فألقي السحرة ساجدين. قالوا: آمنا برب العالمين. رب موسى وهارون).. وهم قد كانوا منذ لحظة مأجورين ينتظرون الجزاء من فرعون على مهارتهم، ولم يكونوا أصحاب عقيدة ولا قضية. ولكن الحق الذي مس قلوبهم قد حولهم تحويلا. لقد كانت هزة رجتهم رجا، وخضتهم خضا؛ ووصلت إلى أعماق نفوسهم وقرارة قلوبهم، فأزالت عنها ركام الضلال، وجعلتها صافية حيه خاشعة للحق، عامرة بالإيمان، في لحظات قصار. فإذا هم يجدون أنفسهم ملقين سجدا، بغير إرادة منهم، تتحرك ألسنتهم، فتنطلق بكلمة الإيمان، في نصاعة وبيان: (آمنا برب العالمين. رب موسى وهارون). وإن القلب البشري لعجيب غاية العجب، فإن لمسة واحدة تصادف مكانها لتبدله تبديلا. وصدق رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:"ما من قلب إلا بين أصبعين من أصابع الرحمن. إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه". وهكذا انقلب السحرة المأجورون، مؤمنين من خيار المؤمنين. على مرأى ومسمع من الجماهير الحاشدة ومن فرعون وملئه. لا يفكرون فيما يعقب جهرهم بالإيمان في وجه الطاغية من عواقب ونتائج، ولايعنيهم ماذا يفعل أو ماذا يقول. ولا بد أن كان لهذا الانقلاب المفاجىء وقع الصاعقة على فرعون وملئه. فالجماهير حاشدة. وقد عبأهم عملاء فرعون وهم يحشدونهم لشهود المباراة. عبأوهم بأكذوبة أن موسى الإسرائيلي، ساحر يريد أن يخرجهم من أرضهم بسحره، ويريد أن يجعل الحكم لقومه؛ وأن السحرة سيغلبونه ويفحمونه.. ثم ها هم أولاء يرون السحرة يلقون ما يلقون باسم فرعون وعزته. ثم يغلبون حتى ليقرون بالغلب؛ ويعترفون بصدق موسى في رسالته من عند الله، ويؤمنون برب العالمين الذي أرسله، ويخلعون عنهم عبادة فرعون، وهم كانوا منذ لحظة جنوده الذين جاءوا لخدمته، وانتظروا أجره، واستفتحوا بعزته! وإنه لانقلاب يتهدد عرش فرعون، إذ يتهدد الأسطورة الدينية التي يقوم عليها هذا العرش. أسطورة الألوهية، أو بنوته للآلهة -كما كان شائعا في بعض العصور- وهؤلاء هم السحرة. والسحر كان حرفة مقدسة لا يزاولها إلا كهنة المعابد في طول البلاد وعرضها. ها هم أولاء يؤمنون برب العالمين، رب موسى وهارون، والجماهير تسير وراء الكهنة في معتقداتهم التي يلهونهم بها.

فماذا يبقى لعرش فرعون من سند إلا القوة؟ والقوة وحدها بدون عقيدة لا تقيم عرشا ولا تحمي حكما. إن لنا أن نقدر ذعر فرعون لهذه المفاجأة، وذعر الملأ من حوله، إذا نحن تصورنا هذه الحقيقة؛ وهي إيمان السحرة الكهنة هذا الإيمان الصريح الواضح القاهر الذي لا يملكون معه إلا أن يلقوا سجدا معترفين منيبين...