المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{لَا يَسۡتَـٔۡذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ أَن يُجَٰهِدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلۡمُتَّقِينَ} (44)

44- ليس من شأن المؤمنين حقاً بالله ، وحسابه في اليوم الآخر ، أن يستأذنوك في الجهاد بالمال والنفس ، أو في التخلف عنك ، لأن صدق إيمانهم يحبب إليهم الجهاد في سبيل الله . والله يعلم صدق نِيَّات المؤمنين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَا يَسۡتَـٔۡذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ أَن يُجَٰهِدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلۡمُتَّقِينَ} (44)

وقوله { لا يستأذنك } الآية . نفي عن المؤمنين أن يستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في التخلف دون عذر كما فعل الصنف المذكور من المنافقين ، وقوله { أن يجاهدوا } يحتمل أن تكون { أن } في موضع نصب على معنى لا يستأذنون في التخلف كراهية أن يجاهدوا ، قال سيبويه ويحتمل أن تكون في موضع خفض .

قال القاضي أبو محمد : على معنى لا يحتاجون إلى أن يستأذنوا في أن يجاهدوا بل يمضون قدماً ، أي فهم أحرى ألا يستأذنوا في التخلف ، ثم أخبر بعلمه تعالى { بالمتقين } وفي ذلك تعيير للمنافقين وطعن عليهم بين .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَا يَسۡتَـٔۡذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ أَن يُجَٰهِدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلۡمُتَّقِينَ} (44)

هذه الجملة واقعة موقع البيان لجملة { حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين } [ التوبة : 43 ] . وموقع التعليل لجملة { لم أذنت لهم } [ التوبة : 43 ] أو هي استئناف بياني لما تثيره جملة { حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين } [ التوبة : 43 ] والاعتبارات متقاربة ومآلها واحد .

والمعنى : إنّ شأن المؤمنين الذين استنفروا أن لا يستأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في التخلّف عن الجهاد ، فأمّا أهل الأعذار : كالعُمي ، فهم لا يستنفرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأمّا الذين تخلّفوا من المؤمنين فقد تخلّفوا ولم يستأذنوا في التخلّف ، لأنّهم كانوا على نية اللحاق بالجيش بعد خروجه .

والاستئذان : طلب الإذن ، أي في إباحة عمل وترك ضدّه ، لأنّ شأن الإباحة أن تقتضي التخيير بين أحد أمرين متضادّين .

والاستئذان يُعدّى ب ( في ) . فقوله : { أن يجاهدوا } في محلّ جرّ ب ( في ) المحذوفة ، وحذف الجارّ مع { أنْ } مطّرد شائع .

ولمّا كان الاستئذان يستلزم شيئين متضادّين ، كما قلنا ، جازَ أن يقال : استأذنتُ في كذا واستأذنت في ترك كذا . وإنّما يُذكر غالباً مع فعل الاستئذان الأمر الذي يَرغَب المستأذنُ الإذنَ فيه دون ضدّه وإن كان ذكر كليهما صحيحاً .

ولمّا كانَ شأن المؤمنين الرغبة في الجهاد كان المذكور مع استئذان المؤمنين ، في الآية أن يجاهدوا دون أن لا يجاهدوا ، إذ لا يليق بالمؤمنين الاستئذان في ترك الجهاد ، فإذا انتفى أن يستأذنوا في أن يجاهدوا ثبت أنّهم يجاهدون دون استئذان ، وهذا من لطائف بلاغة هذه الآية التي لم يعرّج عليها المفسّرون وتكلّفوا في إقامة نظم الآية .

وجملة { والله عليم بالمتقين } معترضة لفائدة التنبيه على أنّ الله مطّلع على أسرار المؤمنين إذ هم المراد بالمتّقين كما تقدّم في قوله في سورة البقرة ( 2 ، 3 ) { هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب . }