اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَا يَسۡتَـٔۡذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ أَن يُجَٰهِدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلۡمُتَّقِينَ} (44)

قوله تعالى : { لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الذين يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر } الآية .

أي : لا يستأذنوك في التخلف { والله عَلِيمٌ بالمتقين } .

قوله : " أَن يُجَاهِدُواْ " فيه وجهان :

أظهرهما : أنَّهُ متعلقُ " الاستئذان " ، أي : لا يستأذنوك في الجهادِ ، بل يمضُون فيه غير مترددين .

والثاني : أن متعلق " الاستئذان " محذوف و " أن يُجاهدُوا " مفعولٌ من أجله ، تقديره : لا يستأذنك المؤمنون في الخروج والقعود كراهة أن يجاهدوا ، بل إذا أمرتُهم بشيءٍ بادروا إليه . وقال بعضهم : لا بدّ في الكلام من إضمار آخر ؛ لأنَّ ترك استئذان الإمام في الجهادِ غير جائز ، فلا بدَّ من إضمار ، والتقديرُ : لا يستأذنك هؤلاء في أن لا يجاهدوا ، إلاَّ أنَّه حذف حرف النفي كقوله : { يُبَيِّنُ الله لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ } [ النساء : 176 ] ويدلُّ على هذا المحذوف أنَّ ما قبل الآية ، وما بعدها يدل على أن هذا الذم إنَّما كان على الاستئذان في القعود .