السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لَا يَسۡتَـٔۡذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ أَن يُجَٰهِدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلۡمُتَّقِينَ} (44)

{ لا يستأذنك } أي : لا يطلب إذنك بغاية الرغبة فيه { الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر } أي : الذي يكون فيه الجزاء بالثواب والعقاب { أن } أي : في أن { يجاهدوا } وإنما حسن هذا الحذف لظهوره { بأموالهم وأنفسهم } بل يبادرون إلى الجهاد عند إشارتك إليه وبعثك عموماً عليه فضلاً عن أن يستأذنوك في التخلف عنه فإن الخلص من المهاجرين والأنصار كانوا يقولون لا نستأذنه صلى الله عليه وسلم في الجهاد فإن ربنا ندبنا إليه مرّة بعد مرّة فأيّ فائدة في الاستئذان ولنجاهد معه بأموالنا وأنفسنا وكانوا بحيث لو أمرهم صلى الله عليه وسلم بالقعود لشق عليهم كما وقع لعليّ رضي الله عنه في غزوة تبوك لما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يبقى في المدينة شق عليه ولم يرض حتى قال له صلى الله عليه وسلم : ( ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ) { والله عليم بالمتقين } أي : الذين يتقون مخالفته ويسارعون إلى طاعته .