فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَا يَسۡتَـٔۡذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ أَن يُجَٰهِدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلۡمُتَّقِينَ} (44)

ثم ذكر سبحانه أنه ليس من عادة المؤمنين أن يستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في القعود عن الجهاد ، بل كان من عادتهم أنه صلى الله عليه وآله وسلم إذا أذن لواحد منهم بالقعود شق عليه ذلك فقال : { لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم } وهذا على أن معنى الآية أن لا يجاهدوا وقيل المعنى لا يستأذنك في التخلف كراهة الجهاد ، وقيل أن معنى الاستئذان في الشيء الكراهة .

وأما على ما يقتضيه ظاهر اللفظ فالمعنى لا يستأذنك المؤمنون في الجهاد بل دأبهم أن يبادروا إليه من غير توقف ولا ارتقاب منهم لوقوع الإذن منك فضلا أن يستأذنوك في التخلف ، فحيث استأذنك هؤلاء في التخلف كان ذلك مظنة للتأني في أمرهم بل دليلا على نفاقهم { والله عليم بالمتقين } الذين لم يستأذنوا .