معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَسۡرِ} (4)

{ والليل إذا يسر } أي إذا سار وذهب كما قال تعالى { والليل إذ أدبر } { ( المدثر- 33 ) ، وقال قتادة : إذا جاء وأقبل ، وأراد كل ليلة . وقال مجاهد وعكرمة والكلبي : هي ليلة المزدلفة . قرأ أهل الحجاز ، والبصرة : " يسري " بالياء في الوصل ، ويقف ابن كثير ويعقوب بالياء أيضاً ، والباقون يحذفونها في الحالين ، فمن حذف فلوفاق رؤوس الآي ، ومن أثبت فلأنها لام الفعل ، والفعل لا يحذف منه في الوقف ، نحو قوله : هو يقضي وأنا أقضي . وسئل الأخفش عن العلة في سقوط الياء ؟ فقال : الليل لا يسري ، ولكن يسرى فيه ، فهو مصروف ، فلما صرفه بخسه حقه من الإعراب ، كقوله : { وما كانت أمك بغياً }( مريم-28 ) ، ولم يقل : بغية لأنها صرفت من باغية .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَسۡرِ} (4)

والليل إذا يسر إذا يمضي كقوله والليل إذا أدبر والتقييد بذلك لما في التعاقب من قوة الدلالة على كمال القدرة ووفور النعمة أو يرى فيه من قولهم صلى المقام وحذف الياء للاكتفاء بالكسرة تخفيفا وقد خصه نافع وأبو عمرو بالوقف لمراعاة الفواصل ولم يحذفها ابن كثير ويعقوب أصلا وقرئ يسر بالتنوين المبدل من حرف الاطلاق .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَسۡرِ} (4)

وسرى الليل ذهابه وانقراضه ، هذا قول الجمهور ، وقال ابن قتيبة والأخفش وغيره ، المعنى { إذا يسري } فيه فيخرج هذا الكلام مخرج ليل نائم ونهار بطال .

وقال مجاهد وعكرمة والكلبي : أراد بهذا ليلة جمع لأنه يسرى فيها ، وقرأ الجمهور : «يسر » دون ياء في وصل ووقف ، وقرأ ابن كثير : «يسري » بالياء في وصل ووقف ، وقرأ نافع وأبو عمرو بخلاف عنه «يسري » بباء في الوصل ودونها في الوقف وحذفها تخفيف لاعتدال رؤوس الآي إذ هي فواصل كالقوافي ، قال اليزيدي : الوصل في هذا وما أشبهه بالياء ، والوقف بغير ياء على خط المصحف .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَسۡرِ} (4)

و{ الليل } عطف على { ليالي عشر } عطف الأعم على الأخص أو عطف على { الفجر } بجامع التضاد . وأقسم به لما أنه مظهر من مظاهر قدرة الله وبديع حكمته .

ومعنى يسري : يمضي سائراً في الظلام ، أي إذا انقضى منه جزء كثير ، شُبه تقضي الليل في ظلامه بسير السائر في الظلام وهو السُّرى كما شبه في قوله : { والليل إذ أدبر } [ المدثر : 33 ] وقال : { والليل إذا سجى } [ الضحى : 2 ] ، أي تمكن ظلامه واشتد .

وتقييد { الليل } بظرف { إذا يسر } لأنه وقت تمكن ظلمة الليل فحينئذ يكون الناس أخذوا حظهم من النوم فاستطاعوا التهجد قال تعالى : { إن ناشئة الليل هي أشد وطأً وأقوم قيلاً } [ المزمل : 6 ] وقال : { ومن الليل فاسجد له وسبحه } [ الإنسان : 26 ] .

وقرأ نافع وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب : { إذا يسري } بياء بعد الراء في الوصل على الأصل وبحذفها في الوقف لرعي بقية الفواصل : « الفجر ، عشر ، والوتر ، حجر » ففواصل القرآن كالأسجاع في النثر والأسجاعُ تعامل معاملة القوافي ، قال أبو علي : وليس إثباتُ الياء في الوقف بأحسن من الحذف ، وجميع ما لا يحذف وما يُختار فيه أن لا يحذف ( نحو القاض بالألف واللام ) يُحذف إذا كان في قافيةٍ أو فاصلة فإن لم تكن فاصلة فالأحسن إثبات الياء . وقرأ ابن كثير ويعقوب بثبوت الياء بعد الراء في الوصل وفي الوقف على الأصل .

وقرأ الباقون بدون ياء وصْلاً ووقفاً ، وهذه الرواية يوافقها رسم المصحف إياها بدون ياء ، والذين أثبتوا الياء في الوصل والوقف اعتمدوا الرواية واعتبروا رسم المصحف سُنَّة أو اعتداداً بأن الرسم يكون باعتبار حالة الوقف .

وأما نافع وأبو عمرو وأبو جعفر فلا يُوهن رسمُ المصحف روايتهم لأن رسم المصحف جاء على مراعاة حال الوقف ومُراعاةُ الوقف تكثر في كيفيات الرسم .