{ ورفعنا لك ذكرك } ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أنبأنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أنبأنا أبو القاسم عبد الخالق بن علي المؤذن ، حدثنا أبو بكر بن حبيب ، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل ، حدثنا صفوان يعني ابن صالح عبد الملك ، حدثنا الوليد يعني ابن مسلم ، حدثني عبد الله بن لهيعة عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل جبريل عليه السلام عن هذه الآية { ورفعنا لك ذكرك } قال الله تعالى : إذا ذكرت ذكرت معي " . وعن الحسن قال : { ورفعنا لك ذكرك } إذا ذكرت ذكرت معي . وقال عطاء عن ابن عباس : يريد الأذان والإقامة والتشهد والخطبة على المنابر ، ولو أن عبداً عبد الله وصدقه في كل شيء ولم يشهد أن محمداً رسول الله لم ينتفع بشيء ، وكان كافراً . وقال قتادة : رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة ، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله . وقال الضحاك : لا تقبل صلاة إلا به ولا تجوز خطبة إلا به . وقال مجاهد : يعني بالتأذين . وفيه يقول حسان بن ثابت :
ألم تر أن الله أرسل عبده*** ببرهانه ، والله أعلى وأمجد
أغر عليه للنبوة خاتم*** من الله مشهود يلوح ويشهد
وضم الإله اسم النبي مع اسمه*** إذ قال في الخمس أشهد
وشق له من اسمه ليجله*** فذو العرش محمود ، وهذا محمد
وقيل : رفع الله ذكره بأخذ ميثاقه على النبيين وإلزامهم الإيمان به والإقرار بفضله .
( ورفعنا لك ذكرك ) . . رفعناه في الملأ الأعلى ، ورفعناه في الأرض ، ورفعناه في هذا الوجود جميعا . . رفعناه فجعلنا اسمك مقرونا باسم الله كلما تحركت به الشفاه :
" لا إله إلا الله . محمد رسول الله " . . وليس بعد هذا رفع ، وليس وراء هذا منزلة . وهو المقام الذي تفرد به [ صلى الله عليه وسلم ] دون سائر العالمين . .
ورفعنا لك ذكرك في اللوح المحفوظ ، حين قدر الله أن تمر القرون ، وتكر الأجيال ، وملايين الشفاه في كل مكان تهتف بهذا الأسم الكريم ، مع الصلاة والتسليم ، والحب العميق العظيم .
ورفعنا لك ذكرك . وقد ارتبط بهذا المنهج الإلهي الرفيع . وكان مجرد الاختيار لهذا الأمر رفعة ذكر لم ينلها أحد من قبل ولا من بعد في هذا الوجود . .
فأين تقع المشقة والتعب والضنى من هذا العطاء الذي يمسح على كل مشقة وكل عناء ?
وقوله تعالى : { ورفعنا لك ذكرك } معناه ، نوهنا باسمك ، وذهبنا به كل مذهب في الأرض ، وهذا ورسول الله بمكة ، وقال أبو سعيد الخدري والحسن ومجاهد وقتادة : معنى قوله { ورفعنا لك ذكرك } أي قرنا اسمك باسمنا في الأذان والخطب .
وروي في هذا حديث ( إن الله تعالى قال : إذا ذكرت ذكرت معي ){[11886]} وهذا متجه إلى أن الآية نزلت بمكة قديما والأذان شرع بالمدينة ، ورفع الذكر نعمة على الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك هو جميل حسن للقائمين بأمور الناس ، وخمول الذكر والاسم حسن للمنفردين للعبادة ، وقد جعل الله تعالى النعم أقساما بحسب ما يصلح لشخص شخص ، وفي الحديث ( إن الله تعالى يوقف عبدا يوم القيامة فيقول له : ألم أفعل بك كذا وكذا -يعدد عليه نعمه- ويقول في جملتها : ألم أخمل ذكرك في الناس ){[11887]} ؟ والمعنى في هذا التعديد الذي على النبي صلى الله عليه وسلم أي يا محمد فقد جعلنا جميع هذا فلا تكترث بأذى قريش فإن الذي فعل بك هذه النعم سيظفرك بهم وينصرك عليهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.