الإشارة إما إلى ما تقدّم من وعيدهم في قوله { إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلاً } ، أي ذلك الإعداد جزاؤهم .
وقوله { جزاؤهم } خبر عن اسم الإشارة . وقوله { جهنم } بدل من { جزاؤهم } بدلاً مطابقاً لأن إعداد جهنم هو عين جهنّم . وإعادة لفظ جهنم أكسبه قوّة التأكيد .
وإما إلى مقدر في الذهن دل عليه السياق يبينه ما بعده على نحو استعمال ضمير الشأن مع تقدير مبتدأ محذوف . والتقدير : الأمر والشأن ذلك جزاؤهم جهنّم .
والباء للسببية ، و ( ما ) مصدرية ، أي بسبب كفرهم .
{ واتخذوا } عطف على { كفروا } فهو من صلة ( ما ) المصدرية . والتقدير : وبما اتّخذوا آياتي ورسلي هزؤاً ، أي باتخاذهم ذلك كذلك .
والرسل يجوز أن يراد به حقيقة الجمع فيكون إخباراً عن حال كفار قريش ومن سبقهم من الأمم المكذبين ، ويجوز أن يراد به الرسول الذي أرسل إلى الناس كلهم وأطلق عليه اسم الجمع تعظيماً كما في قوله { نجب دعوتك ونتبع الرّسل } [ إبراهيم : 44 ] .
والهزُؤُ بضمتين مصدر بمعنى المفعول . وهو أشد مبالغة من الوصف باسم المفعول ، أي كانوا كثيري الهزؤ بهم .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{ذلك جزاؤهم}، يقول: هذا جزاؤهم،
{واتخذوا ءاياتي}، يعني: القرآن،
{ورسلي}، يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم،
{هزوا}، يعني: استهزاء بهما أنهما ليسا من الله عز وجل.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: أولئك ثوابهم جهنم بكفرهم بالله، واتخاذهم آيات كتابه وحجج رسله سُخْريا، واستهزائهم برسله.
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
هم اليومَ في عقوبة الجحد، وغداً في عقوبة الردِّ. اليوم هم في ذُلِّ الفراق، وغداً في أليمِ الاحتراق...
ثم بين تعالى أن ذلك الجزاء جزاء على مجموع أمرين:
الثاني: أنهم أضافوا إلى الكفر أن اتخذوا آيات الله واتخذوا رسله هزوا، فلم يقتصروا على الرد عليهم وتكذيبهم حتى استهزأوا بهم...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان هذا السياق في الدلالة على أن لهم جهنم أوضح من الشمس قال: {ذلك} أي الأمر العظيم الذي بيناه من وعيدهم {جزاؤهم} لكن لما كان حاكماً بضلالهم وغباوتهم، بين الجزاء بقوله: {جهنم} وصرح بالسببية بقوله: {بما كفروا} أي وقعوا التغطية للدلائل {واتخذوا ءاياتي} التي هي مع إنارتها أجد الجد وأبعد شيء عن الهزل {ورسلي} المؤيدين بباهر أفعالي مع ما لهم من الشهامة والفضل {هزواً} فلم يكتفوا بالكفر الذي هو طعن في الإلهية حتى ضموا إليه الهزء الذي هو أعظم احتقار.
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
{ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ} لأنهم غيرُ مَعْذورِين في الكفر، لعدم رجوعهم فيه إلى حجّةٍ {وَاتَّخَذُواْ آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً} فلم يَرجِعوا إلى قاعدةٍ للفكر في الرفض، وإلى خطٍّ للحوار في الموقف، بل عاشوا أجواءَ السُّخريّة والاستهزاءِ بآيات الله ورسلِه، انطلاقاً من حالتهم النفسية المتمرِّدةِ القَلِقَةِ التي تهرُب من جهد البحثِ عن الحقيقة لتستجيب إلى النَّوازع الذاتيّةِ في أجواء الاستهزاء، مُوحِينَ لأنفسهم بأنهم في موقع القوة، في الوقت الذي تُهاجمهم فيه كلُّ نِقاطِ الضّعفِ...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
وبذلك فإِنَّ هؤلاء انتَهَوْا إلى إِنكار الأصولِ الأساسيّةِ الثلاثةِ في الاِعتقاد الدينيِّ (المَبْدأ، والمَعاد، ورسالة الأنبياء) والأكثَرُ مِن الإِنكار أنّهم استَهزَأوا بهذه الأُمورِ!...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.