التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{ذَٰلِكَ جَزَآؤُهُمۡ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوٓاْ ءَايَٰتِي وَرُسُلِي هُزُوًا} (106)

الإشارة إما إلى ما تقدّم من وعيدهم في قوله { إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلاً } ، أي ذلك الإعداد جزاؤهم .

وقوله { جزاؤهم } خبر عن اسم الإشارة . وقوله { جهنم } بدل من { جزاؤهم } بدلاً مطابقاً لأن إعداد جهنم هو عين جهنّم . وإعادة لفظ جهنم أكسبه قوّة التأكيد .

وإما إلى مقدر في الذهن دل عليه السياق يبينه ما بعده على نحو استعمال ضمير الشأن مع تقدير مبتدأ محذوف . والتقدير : الأمر والشأن ذلك جزاؤهم جهنّم .

والباء للسببية ، و ( ما ) مصدرية ، أي بسبب كفرهم .

{ واتخذوا } عطف على { كفروا } فهو من صلة ( ما ) المصدرية . والتقدير : وبما اتّخذوا آياتي ورسلي هزؤاً ، أي باتخاذهم ذلك كذلك .

والرسل يجوز أن يراد به حقيقة الجمع فيكون إخباراً عن حال كفار قريش ومن سبقهم من الأمم المكذبين ، ويجوز أن يراد به الرسول الذي أرسل إلى الناس كلهم وأطلق عليه اسم الجمع تعظيماً كما في قوله { نجب دعوتك ونتبع الرّسل } [ إبراهيم : 44 ] .

والهزُؤُ بضمتين مصدر بمعنى المفعول . وهو أشد مبالغة من الوصف باسم المفعول ، أي كانوا كثيري الهزؤ بهم .