روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{ذَٰلِكَ جَزَآؤُهُمۡ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوٓاْ ءَايَٰتِي وَرُسُلِي هُزُوًا} (106)

{ ذلك } بيان لمآل كفرهم وسائر معاصيهم اثر بيان أعمالهم المحبطة بذلك وهو خبر مبتدأ محذوف أي الأمر والشأن ذلك . وقوله عز وجل : { جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ } جملة مفسرة له فلا محل لها من الإعراب ، وجوز أن يكون { ذلك } مبتدأ و { جَزَآؤُهُمْ } بدل منه بدل اشتمال أو بدل كل من كل إن كانت الإشارة إلى الجزاء الذي في الذهن و { جَهَنَّمَ } خبره . والتذكير وإن كان الخبر مؤنثاً لأن المسار إليه الجزاء ولأن الخبر في الحقيقة للبدل . وأن يكون { ذلك } مبتدأ و { جَزَآؤُهُمْ } خبره و { جَهَنَّمَ } عطف بيان للخبر والإشارة إلى جهنم الحاضرة في الذهن ، وأن يكون مبتدأ و { جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ } مبتدأ وخبر خبره له والعائد محذوف والإشارة إلى كفرهم وأعمالهم والتذكير باعتبار ما ذكر أي ذلك جزاؤهم به جهنم ، وتعقب بأن العائد المجرور إنما يكثر حذفه في مثل ذلك إذا جر بحرف بتبعيض أو ظرفية أو جر عائد قبله بمثل ما جر به كقوله :

فالذي تدعي به أنت مفلح*** أي به . وجوز أبو البقاء أن يكون «ذلك » مبتدأ و { جَزَآؤُهُمْ } بدل أو عطف بيان و { جَهَنَّمَ } بدل من جزاء أو خبر مبتدأ و { جَزَآؤُهُمْ } بدل أو عطف بيان و { جَهَنَّمَ } بدل من جزاء أو خبر مبتدأ محذوف أي هو جهنم . وقوله تعالى : { بِمَا كَفَرُواْ } خبر { ذلك } وقال بعد أن ذكر من جوه الإعراب ما ذكر : إنه لا يجوز أن يتعلق الجار بجزاؤهم للفصل بينهما بجهنم ، وقيل : الظاهر تعلقه به ولا يضر الفصل في مثل ذلك . وهو تصريح بأن ما ذكر جزاء لكفرهم المتضمن لسائر القبائح التي أنبأ عنها قوله تعالى المعطوف على كفروا { واتخذوا ءاياتى وَرُسُلِى هُزُواً } أي مهزوأ بهما فإنهم لم يقنعوا بمجرد الكفر بالآيات والرسل عليهم السلام بل ارتكبوا مثل تلك العظيمة أيضاً .

وجوز أن تكون الجملة مستأنفة وهو خلاف الظاهر ، والمراد من الآيات قيل المعجزات الظاهرة على أيدي الرسل عليهم السلام والصحف الإلهية المنزلة عليهم عليهم الصلاة والسلام .