المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكُمۡ خَلَـٰٓئِفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لِنَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (14)

14- ثم جعلناكم - يا أمة محمد - خلفاء في الأرض ، تعمرونها من بعد هؤلاء السابقين ، لنختبركم ونظهر ما تختارونه لأنفسكم من طاعة أو عصيان ، بعد أن عرفتم ما جرى على أسلافكم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكُمۡ خَلَـٰٓئِفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لِنَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (14)

قوله تعالى : { ثم جعلناكم خلائف } ، أي : خلفاء ، { في الأرض من بعدهم } ، أي : من بعد القرون التي أهلكناهم ، { لننظر كيف تعملون } ، وهو أعلم بهم . وروينا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { ألا إن هذه الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكُمۡ خَلَـٰٓئِفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لِنَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (14)

{ ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ } أيها المخاطبون { خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } ، فإن أنتم اعتبرتم واتعظتم بمن قبلكم واتبعتم آيات الله وصدقتم رسله ، نجوتم في الدنيا والآخرة .

وإن فعلتم كفعل الظالمين قبلكم ، أحل بكم ما أحل بهم ، ومن أنذر فقد أعذر .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكُمۡ خَلَـٰٓئِفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لِنَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (14)

أخبر تعالى عما أحلّ بالقرون الماضية ، في تكذيبهم الرسل فيما جاءوهم به من البينات والحجج الواضحات ، ثم استخلف الله هؤلاء القومَ من بعدهم ، وأرسل إليهم رسولا لينظر طاعتهم له ، واتباعهم رسوله ، وفي صحيح مسلم من حديث أبي نَضْرَة ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الدنيا حلوة خَضِرة ، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر ماذا تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " {[14093]} . وقال ابن جرير : حدثني المثنى ، حدثنا زيد بن عوف أبو ربيعة فهد{[14094]} حدثنا حماد ، عن ثابت

البُناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ؛ أن عوف بن مالك قال لأبي بكر : رأيت فيما يرى النائم كأن سَبَبًا دُلِّي من السماء ، فانتُشط رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أعيد ، فانتُشط أبو بكر ، ثم ذُرعَ{[14095]} الناس حول المنبر ، ففضل عمر بثلاث أذرع إلى المنبر . فقال عمر : دعنا من رؤياك ، لا أرَبَ لنا فيها ! فلما استخلف عمر قال : يا عوف ، رؤياك ! فقال : وهل لك في رؤياي من حاجة ؟ أولم تنتهرني{[14096]} ؟ فقال : ويحك ! إني : كرهت أن تنعَى لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه ! فقصّ عليه الرؤيا ، حتى إذا بلغ : " ذُرع{[14097]} الناس إلى المنبر بهذه الثلاث الأذرع " ، قال : أما إحداهن فإنه كائن خليفة . وأما الثانية فإنه لا يخاف في الله لومة لائم . وأما الثالثة فإنه شهيد . قال : فقال : يقول الله تعالى : { ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } فقد استُخلفت{[14098]} يا ابن أم عمر ، فانظر كيف تعمل ؟ وأما قوله : " فإني لا أخاف في الله لومة لائم " ، فما شاء الله ! وأما قوله : [ إني ]{[14099]} شهيد فَأَنَّى لعمر الشهادة والمسلمون مطيفون به{[14100]} .


[14093]:- صحيح مسلم برقم (2742).
[14094]:- في هـ ، ت : "مهد" ، وفي أ : "شهد" والتصويب من الطبري.
[14095]:- في ت : "درع".
[14096]:- في ت : "تنتهزني".
[14097]:- في ت ، أ : "درع".
[14098]:- في ت ، أ : "استخلف".
[14099]:- زيادة من ت.
[14100]:- تفسير الطبري (15/39).

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكُمۡ خَلَـٰٓئِفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لِنَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (14)

و { خلائف } جمع خليفة ، وقوله { لننظر } معناه لنبين في الوجود ما علمناه أزلاً ، لكن جرى القول على طريق الإيجاز والفصاحة والمجاز ، وقرأ يحيى بن الحارث{[1]} وقال : رأيتها في الإمام مصحف عثمان ، «لنظر » بإدغام النون في الظاء{[2]} .

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إن الله تعالى إنما جعلنا خلفاء لينظر كيف عملنا فأروا الله حسن أعمالكم في السر والعلانية ، وكان أيضاً يقول : قد استخلفت يا ابن الخطاب فانظر كيف تعمل ؟ وأحيانا كان يقول قد استخلفت يا ابن أم عمر .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكُمۡ خَلَـٰٓئِفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لِنَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (14)

عطف على { أهلكنا } [ يونس : 13 ] وحرف ( ثم ) مؤذن ببعد ما بين الزمنين ، أي ثم جعلناكم تخلفونهم في الأرض . وكون حرف ( ثم ) هنا عاطفاً جملة على جملة تقتضي التراخي الرتبي لأن جعلهم خلائف أهم من إهلاك القرون قبلهم لما فيه من المنة عليهم ، ولأنه عوضهم بهم .

والخلائف : جمع خليفة . وتقدم في قوله : { وهو الذي جعلكم خلائف الأرض } في سورة [ الأنعام : 165 ] . والمراد { بالأرض } بلاد العرب ، فالتعريف فيه للعهد ؛ لأن المخاطبين خلفوا عاداً وثموداً وطسماً وجديساً وجُرهماً في منازلهم على الجملة .

والنظر : مستعمل في العلم المحقق ، لأن النظر أقوى طرق المعرفة ، فمعنى { لننظر } لنتعلم ، أي لنعلم علماً متعلقاً بأعمالكم . فالمراد بالعلم تعلقه التنجيزي .

و { كيف } اسم استفهام معلق لفعل العلم عن العمل ، وهو منصوب ب { ننظر } ، والمعنى في مثله : لنعلم جواب كيف تعملون ، قال إياس بن قبيصة :

وأقبلت والخطى يخطر بيننا *** لا علم مَن جبانها من شجاعها

أي ( لا علم ) جَواب مَن ( جبانها ) .

وإنما جعل استخلافهم في الأرض علة لعلم الله بأعمالهم كناية عن ظهور أعمالهم في الواقع إن كانت مما يرضي الله أو ممَّا لا يرضيه فإذا ظهرت أعمالهم علمها الله علم الأشياء النافعة وإن كان يعلم أن ذلك سيقع علماً أزلياً ، كما أن بيت إياس بن قبيصة معناه ليَظهر الجبانُ من الشجاع . وليس المقصود بتعليل الإقْدام حصول علمه بالجبان والشجاع ولكنه كنّى بذلك عن ظهور الجبان والشجاع . وقد تقدم نظير هذا في قوله تعالى : { وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء } في سورة [ آل عمران : 140 ] .