قوله : " ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ " أي : خلفاء " فِي الأرض مِن بَعْدِهِم " أي : من بعد القرون التي أهلكناهم ، وهذا خطابٌ للذين بعث إليهم محمد صلى الله عليه وسلم .
قوله : " لِنَنظُرَ " متعلق بالجعل ، وقرأ يحيى{[18339]} الذماري بنون واحدة ، وتشديد الظَّاء ، وقال يحيى : " هكذا رأيتُه في مصحف عثمان " ، يعني : أنَّه رآها بنُون واحدة ، ولا يعني أنَّهُ رآها مشددة ؛ لأنَّ هذا الشَّكل الخاصَّ إنَّما حدث بعد عثمان ، وخرجوها على إدغامِ النُّونِ الثانية في الظَّاء ، وهو رَدِيءٌ جداً ، وأحسنُ ما يقال هنا : إنَّه بالغ في إخفاءِ غُنَّة النُّون السَّاكنة ، فظنَّه السَّامع إدغاماً ، ورؤيته له بنُونٍ واحدةٍ ، لا يدلُّ على قراءته إيَّاه مشددة الظَّاءِ ، ولا مُخَفَّفها .
قال أبو حيان{[18340]} : " ولا يدلُّ على حذف النُّون من اللفظِ " وفيه نظرٌ ؛ لأنه كيف يقرأ ما لم يكن مكتوباً في المصحف الذي رآه ؟ وقوله : " كَيْفَ " منصوبٌ ب " تَعْملُون " على المصدر ، أي : أيَّ عملٍ تعملُون ، وهي معلِّقة للنَّظر .
فإن قيل : كيف جاز النَّظرُ إلى الله تعالى وفيه معنى المقابلة ؟
فالجواب : أنَّه استعير لفظُ النظرِ للعلم الحقيقيِّ ، الذي لا يتطرَّقُ إليه الشَّكُّ ، وشبه هذا العلم بنظرِ النظر ، وعيان العاين .
فإن قيل : قوله : " لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ " مُشْعرٌ بأنَّ الله - تعالى - ما كان عالماً بأحوالهم قبل وجودهم .
فالجواب : أنَّه - تعالى - يعامل العباد معاملة من يطلب العلم بما يكون منهم ؛ ليُجازيهُم بجنسه ، كقوله : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } [ هود : 7 ] ، قال - عليه الصلاة والسلام - : " إنَّ الدُّنْيَا خضرةٌ حُلوةٌ وإنَّ الله مُستخْلفُكُمْ فيهَا فنَاظِرٌ كيف تعمَلُون " {[18341]} ، قال الزجاج : " موضع " كيف " نصب بقوله : " تَعْمَلُون " ؛ لأنَّها حرف استفهام ، والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.