السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكُمۡ خَلَـٰٓئِفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لِنَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (14)

{ ثم جعلناكم } أي : أيها المرسل إليهم أشرف رسلنا { خلائف } جمع خليفة { في الأرض من بعدهم } أي : استخلفناكم فيها بعد القرون التي أهلكناها استخلاف من يختبر { لننظر } ونحن أعلم بكم من أنفسكم في علم الشهادة لإقامة الحجة . { كيف تعملون } من خير أو شر فنجازيكم به ، وقد مرّ نظائر هذا ، ومنه قوله تعالى : { ليبلوكم أيكم أحسن عملاً } [ هود : 7 ] . وقال صلى الله عليه وسلم «إنّ الدنيا خضرة حلوة ، وإنّ الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون » . وقال قتادة : صدق الله ربنا ما جعلنا خلفاء إلا لينظر إلى أعمالنا ، فأروا الله من أعمالكم خيراً بالليل والنهار . قال الزجاج : وموضع كيف نصب بقوله تعملون ، أي : لا معمول ننظر ؛ لأنها حرف استفهام ، والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ؛ لأنّ له صدر الكلام فلا يتقدمه عامله ، وظاهر كلامه أنّ كيف مفعول لتعملون ، وجمهور النحاة على أنه حال من ضمير تعملون .