الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكُمۡ خَلَـٰٓئِفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لِنَنظُرَ كَيۡفَ تَعۡمَلُونَ} (14)

{ ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم } أي من بعد القرون التي أهلكناهم { لِنَنظُرَ } لنرى { كَيْفَ تَعْمَلُونَ } وهو أعلم بهم . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الدنيا خضرة حلوة وأن الله استخلفكم فيها فانظر كيف تعملون " .

قتادة : ذكر لنا أن عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) قال : صدق الله ربنا ما جعلنا خلفاء إلاّ لينظر إلى أعمالنا فأروا الله من أعمالكم خيراً بالليل والنهار والسرّ والعلانية .

وروى ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عوف بن مالك قال لأبي بكر : رأيت فيما يرى النائم كأنّ شيئاً دُلّي من السماء فانتشط رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أُعيد فانتشط أبو بكر ( رضي الله عنه ) ثم ذرع الناس حول المنبر ففصّل عمر بثلاثة أذرع إلى المنبر ، فقال عمر : دعنا من رؤياك لا أرب لنا فيها ، فلما استخلف عمر قال : قل يا عوف رؤياك ، قال : هل لك في رؤياي من حاجة ؟ أو لم تنهوني ؟ فقال : ويحك إني كرهت أن تنعى لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه . فقصّ عليه الرؤيا حتى إذا بلغ ذرع الناس المنبر بهذه الثلاثة الأذرع . قال : أما إحداهن فأنّه كائن خليفة وأما الثانية فإنه لا يخاف في الله لومة لائم ، وأما الثالثة فإنّه شهيد ، ثم قال : يقول الله تعالى : { ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ } إلى قوله { لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } فقد استخلفت يا ابن أم عمر فانظر كيف تعمل ، وأما قوله : فإني لا أخاف في الله لومة لائم فيما شاء الله ، وأما قوله : إني شهيد فأنّى لعمر الشهادة والمسلمون مطيفون به ، ثم قال : إن الله على ما يشاء لقدير .