قوله تعالى : { إن الذين عند ربك } ، يعني : الملائكة المقربين بالفضل والكرامة .
قوله تعالى : { لا يستكبرون } ، لا يتكبرون .
قوله تعالى : { عن عبادته ويسبحونه } ، وينزهونه ويذكرونه ، فيقولون : سبحان الله . قوله تعالى : { وله يسجدون } . أخبرنا أحمد بن الحسن الحيري ، أنبأنا حاجب بن أحمد الطوسي ، ثنا عبد الرحيم بن منيب ، ثنا يعلى بن عبيد عن الأعمش ، عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ، فيقول : يا ويله ، أمر هذا بالسجود فسجد فله الجنة ، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار ) .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، ثنا أبو منصور محمد بن محمد ابن سمعان ، ثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، ثنا حميد بن زنجويه ، ثنا محمد بن يوسف ، ثنا الأوزاعي ، عن الوليد بن هشام ، عن معدان قال : سألت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : حدثني حديثاً ينفعني الله به ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من عبد يسجد لله سجدةً إلا رفعه الله بها درجةً ، وحط عنه بها سيئة ) .
ثم ذكر تعالى أن له عبادا مستديمين لعبادته ، ملازمين لخدمته وهم الملائكة ، فلتعلموا أن اللّه لا يريد أن يتكثر بعبادتكم من قلة ، ولا ليتعزز بها من ذلة ، وإنما يريد نفع أنفسكم ، وأن تربحوا عليه أضعاف أضعاف ما عملتم ، فقال : إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ
إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ من الملائكة المقربين ، وحملة العرش والكروبيين .
لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ بل يذعنون لها وينقادون لأوامر ربهم وَيُسَبِّحُونَهُ الليل والنهار لا يفترون .
وَلَهُ وحده لا شريك له يَسْجُدُونَ فليقتد العباد بهؤلاء الملائكة الكرام ، وليداوموا [ على ] عبادة الملك العلام .
وللّه الحمد والشكر والثناء . وصلى اللّه على محمد وآله وصحبه وسلم .
وإنما ذكرهم بهذا ليتشبه بهم في كثرة طاعتهم وعبادتهم ؛ ولهذا شرع لنا السجود هاهنا لما ذكر سجودهم لله ، عز وجل ، كما جاء في الحديث : " ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها ، يتمون الصفوف الأوَل ، ويتَراصُّون في الصف " {[12600]}
وهذه أول سجدة في القرآن ، مما يشرع لتاليها ومستمعها السجود بالإجماع . وقد ورد في حديث رواه ابن ماجة ، عن أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عدها في سجدات القرآن{[12601]}
آخر [ تفسير ]{[12602]} سورة الأعراف ، ولله الحمد والمنة .
القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ الّذِينَ عِندَ رَبّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ } . .
يقول تعالى ذكره : لا تستكبر أيها المستمع المنصت للقرآن عن عبادة ربك ، واذكره إذا قرىء القرآن تضرّعا وخيفة ودون الجهر من القول ، فإن الذين عند ربك من ملائكته لا يستكبرون عن التواضع له والتخشع ، وذلك هو العبادة . ويُسَبّحُونَهُ يقول : ويعظمون ربهم بتواضعهم له وعبادتهم . وَلهُ يَسْجُدُونَ يقول : ولله يصلون ، وهو سجودهم ، فصلوا أنتم أيضا له ، وعظموه بالعبادة كما يفعله مَن عنده من ملائكته .
{ إن الذين عند ربك } يعني ملائكة الملأ الأعلى . { لا يستكبرون عن عبادته ويسبّحونه } وينزهونه . { وله يسجدون } ويخصونه بالعبادة والتذلل لا يشركون به غيره ، وهو تعريض بمن عداهم من المكلفين ولذلك شرع السجود لقراءته . وعن النبي صلى الله عليه وسلم " إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي فيقول : يا ويله أمر هذا بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.