تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَيُسَبِّحُونَهُۥ وَلَهُۥ يَسۡجُدُونَۤ۩} (206)

يسبّحونه : ينزهونه عما لا يليق به .

ثم تختم السورة بالإرشاد إلى أن الملائكة مع عظيم شرفهم وسمو مرتبتهم معترفون بعبوديتهم ، خاضعون لعزّ الربوبية ، لا يخالجهم في عبادتهم كِبر ، وهم دائما يسبّحون الله وله يسجدون . فما أحوج الإنسان وقد ركّبت فيه مبادئ الشهوة والغضب أن يتخذ إلى ربه سبيلا ، فيعبده بحق .

وهذه الآية إحدى الآيات التي طُلب إلى المؤمنين أن يسجُدوا عند تلاوتها أو سماعها ، وهي أربع عشرة آية في القرآن الكريم .

وهذه هي السجدة المعروفة بسجدة التلاوة : وهي سجدة بين تكبيرتين : تكبيرة لوضع الجبهة على الأرض ، وأخرى للرفع من السجود ، دون تشهد ولا تسليم . ويشترط لها ما يشترط للصلاة من الطهارة والنية واستقبال القبلة .

والحكمة في هذه السجدة أنها نوع من التربية العملية الروحية في إعلان التمسك بالحق والإعراض عن الباطل ، ومراغمة المبطلين ، والسير في طريق المثل العليا للذين حمَّلهم الله أمانة الحق والدعوة إليه . وبذلك كانت سجدة التلاوة شعارا عاما للمؤمنين في إعلان تقديسهم عبادتهم ، وشدتهم في مخالفة الباطل كلَّما قرأوا القرآن أو سمعوه .

جعلنا الله من المسبحين بحمده ، الساجدين له ، المقتدين بأنبيائه ، المتشبهين بالملأ الأعلى ، إنه سميع مجيب .