المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ بِهِۦ جِنَّةُۢۚ بَلۡ جَآءَهُم بِٱلۡحَقِّ وَأَكۡثَرُهُمۡ لِلۡحَقِّ كَٰرِهُونَ} (70)

70- أم يقولون : إنه مجنون ؟ كلا : إنه جاءهم بالدين الحق ، وأكثرهم كارهون للحق ، لأنه يخالف شهواتهم وأهواءهم فلا يؤمنون به .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ بِهِۦ جِنَّةُۢۚ بَلۡ جَآءَهُم بِٱلۡحَقِّ وَأَكۡثَرُهُمۡ لِلۡحَقِّ كَٰرِهُونَ} (70)

قوله تعالى : { أم يقولون به جنة } جنون ، وليس كذلك ، { بل جاءهم بالحق } يعني بالصدق والقول الذي لا تخفى صحته وحسنه على عاقل . { وأكثرهم للحق كارهون* }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ بِهِۦ جِنَّةُۢۚ بَلۡ جَآءَهُم بِٱلۡحَقِّ وَأَكۡثَرُهُمۡ لِلۡحَقِّ كَٰرِهُونَ} (70)

{ أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ } أي : جنون ، فلهذا قال ما قال ، والمجنون غير مسموع منه ، ولا عبرة بكلامه ، لأنه يهذي بالباطل والكلام السخيف .

قال الله في الرد عليهم في هذه المقالة : { بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ } أي : بالأمر الثابت ، الذي هو صدق وعدل ، لا اختلاف فيه ولا تناقض ، فكيف يكون من جاء به ، به جنة ؟ ! وهلا يكون إلا في أعلى درج الكمال ، من العلم والعقل ومكارم الأخلاق ، وأيضا فإن في هذا الانتقال مما تقدم ، أي : بل الحقيقة التي منعتهم من الإيمان أنه جاءهم بالحق { وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } وأعظم الحق الذي جاءهم به إخلاص العبادة لله وحده ، وترك ما يعبد من دون الله ، وقد علم كراهتهم لهذا الأمر وتعجبهم منه ، فكون الرسول أتى بالحق ، وكونهم كارهين للحق بالأصل ، هو الذي أوجب لهم التكذيب بالحق لا شكا ولا تكذيبا للرسول ، كما قال تعالى : { فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ } فإن قيل : لم لم يكن الحق موافقا لأهوائهم لأجل أن يؤمنوا و يسرعوا الانقياد ؟ أجاب تعالى بقوله : { وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ } ووجه ذلك أن أهواءهم متعلقة بالظلم والكفر والفساد من الأخلاق والأعمال ، فلو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ، لفساد التصرف والتدبير المبني على الظلم وعدم العدل ، فالسماوات والأرض ما استقامتا إلا بالحق والعدل { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بذكرهم } أي : بهذا القرآن المذكر لهم بكل خير ، الذي به فخرهم وشرفهم ، حين يقومون به ، ويكونون به سادة الناس .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ بِهِۦ جِنَّةُۢۚ بَلۡ جَآءَهُم بِٱلۡحَقِّ وَأَكۡثَرُهُمۡ لِلۡحَقِّ كَٰرِهُونَ} (70)

53

( أم يقولون به جنة ? )كما كان بعض سفهائهم يقولون ؛ وهم على ثقة أنه العاقل الكامل ، الذي لا يعرفون عنه زلة في تاريخه الطويل ?

إنه ما من شبهة من هذه الشبهات يمكن أن يكون لها أصل . إنما هي كراهية أكثرهم للحق ، لأنه يسلبهم القيم الباطلة التي بها يعيشون ، ويصدم أهواءهم المتأصلة التي بها يعتزون :

( بل جاءهم بالحق ، وأكثرهم للحق كارهون ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ بِهِۦ جِنَّةُۢۚ بَلۡ جَآءَهُم بِٱلۡحَقِّ وَأَكۡثَرُهُمۡ لِلۡحَقِّ كَٰرِهُونَ} (70)

وقوله : { أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ } يحكي قول المشركين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تقوَّل{[20603]} القرآن ، أي : افتراه من عنده ، أو أن به جنونا لا يدري ما يقول . وأخبر عنهم أن قلوبهم لا تؤمن به ، وهم يعلمون بطلان ما يقولونه في القرآن ، فإنه قد أتاهم من كلام الله ما لا يُطاق ولا يُدافع ، وقد تحداهم وجميع أهل الأرض أن يأتوا بمثله ، فما استطاعوا ولا يستطيعون أبد الآبدين ؛ ولهذا قال : { بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } يحتمل أن تكون هذه جملة حالية ، أي : في حال كراهة{[20604]} أكثرهم للحق ، ويحتمل أن تكون خبرية مستأنفة ، والله أعلم .

وقال قتادة : ذُكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لقي رجلا فقال له : " أسلم " فقال الرجل : إنك لتدعوني إلى أمر أنا له كاره . فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : " وإن كنت كارها " . وذُكِر لنا أنه لقي رجلا فقال له : " أسلم " فَتَصَعَّده{[20605]} ذلك وكبر عليه ، فقال له نبي الله : " أرأيت لو كنتَ في طريق وَعْر وَعْث ، فلقيت رجلا تعرف وجهه ، وتعرف نسبه ، فدعاك إلى طريق واسع سهل ، أكنت متبعه{[20606]} ؟ " قال : نعم . فقال : " فوالذي{[20607]} نفس محمد بيده ، إنك لفي أوعر من ذلك الطريق لو قد كنت عليه ، وإني لأدعوك إلى أسهل من ذلك لو دعيت إليه " . وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لقي رجلا فقال له : " أسلم " فَتَصَعَّدَه ذلك ، فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم : " أرأيت فتييك ، أحدهما إذا حدثك صدقك ، وإذا{[20608]} ائتمنته أدى إليك أهو أحب إليك ، أم فتاك الذي إذا حدثك كذبك وإذا{[20609]} ائتمنته خانك ؟ " . قال : بل فتاي الذي إذا حدثني صدقني ، وإذا ائتمنته أدى إلي . فقال النبي{[20610]} صلى الله عليه وسلم : " كذاكم أنتم عند ربكم " .


[20603]:- في أ : "يقول".
[20604]:- في ف : "كراهته".
[20605]:- في ف ، أ : "فصعد".
[20606]:- في ف : "تتبعه".
[20607]:- في ف : "والذي".
[20608]:- في ف : "وإن".
[20609]:- في ف : "وإن".
[20610]:- في ف : "نبي الله".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ بِهِۦ جِنَّةُۢۚ بَلۡ جَآءَهُم بِٱلۡحَقِّ وَأَكۡثَرُهُمۡ لِلۡحَقِّ كَٰرِهُونَ} (70)

{ أم يقولون به جنة } فلا يبالون بقوله وكانوا يعلمون أنه صلى الله عليه وسلم أرجحهم عقلا وأدقهم نظرا . { بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون } لأنه يخالف شهواتهم وأهواءهم فلذلك أنكروه ، وإنما قيد الحكم بالأكثر لأنه كان منهم من ترك الإيمان استنكافا من توبيخ قومه أو لقلة فطنته وعدم فكرته لا كراهة للحق .