تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَمۡ يَقُولُونَ بِهِۦ جِنَّةُۢۚ بَلۡ جَآءَهُم بِٱلۡحَقِّ وَأَكۡثَرُهُمۡ لِلۡحَقِّ كَٰرِهُونَ} (70)

الآية 70 : وعلى هذا ( يخرج قوله ){[13477]}{ أم يقولون به جنة }أي قد عرفوا أنه ليس به جنة .

وجائز أن يكون قوله : { أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين }جاء هؤلاء ما لم يأت آباءهم ، وخص هؤلاء بما لم يخص آباءهم . وكذلك قال ابن عباس : لعمري لقد جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين .

وجائز أن يكون قوله : { أفلم يدبروا القول }إلى ما ذكر من قوله : { أم يقولون به جنة }يخرج{[13478]} على الأمر بالتدبر فيه ومعرفة الرسول أنه ليس كما يصفونه من الجنون وغيره لقوله : { أو لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة }( الأعراف : 184 ) أي تفكروا فيه فإنه ليس به جنة على ما تصفونه ، أو على ما ذكرنا أنهم تفكروا ، وعرفوا أنه ليس به جنون ، ولا شيء مما وصفوا به . لكنهم أرادوا أن يلبسوا على أتباعهم وسفلتهم إشفاقا على إبقاء ما ذكرنا .

وقال بعضهم : قوله : { أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين }من البراءة من العذاب .

وقوله تعالى : { بلى جاءهم بالحق } بالرسالة والقرآن من عند الله وجعل العبادة له من دون الأصنام التي عبدوها ، ولكن أكثرهم{ للحق كارهون }كرهوا الحق لما ظنوا أن في ( إتباعه ذهاب الرئاسة والأسباب التي كانت لهم{[13479]} على ){[13480]} أتباعهم بعد معرفتهم أنه حق . أو كرهوا لما لم يعرفوا في الحقيقة أنه حق . وإلا فلا أحد ممن يوصف بصحة العقل وسلامته يكره الحق ، ويترك إتباعه إلا للوجهين اللذين ذكرناهما ، والله أعلم .


[13477]:ساقطة من الأصل وم.
[13478]:أدرج قبلها في الأصل وم: لأنه.
[13479]:في م: وهم.
[13480]:من م، ساقطة من الأصل.