فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَمۡ يَقُولُونَ بِهِۦ جِنَّةُۢۚ بَلۡ جَآءَهُم بِٱلۡحَقِّ وَأَكۡثَرُهُمۡ لِلۡحَقِّ كَٰرِهُونَ} (70)

والرابع : قوله : { أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ } وهذا أيضاً انتقال من توبيخ إلى توبيخ ، أي بل أتقولون به جنة ، أي جنون ، مع أنهم قد علموا أنه أرجح الناس عقلاً ، ولكنه جاء بما يخالف هواهم فدفعوه وجحدوه تعصباً وحمية . ثم أضرب سبحانه عن ذلك كله فقال : { بَلْ جَاءهُمْ بالحق } أي ليس الأمر كما زعموا في حق القرآن والرسول ، بل جاءهم ملتبساً بالحق ، والحق هو : الدين القويم : { وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقّ كارهون } لما جبلوا عليه من التعصب ، والانحراف عن الصواب ، والبعد عن الحق ، فلذلك كرهوا هذا الحق الواضح الظاهر ، وظاهر النظم أن أقلهم كانوا لا يكرهون الحق ، ولكنهم لم يظهروا الإيمان خوفاً من الكارهين له .

/خ83