الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَمۡ يَقُولُونَ بِهِۦ جِنَّةُۢۚ بَلۡ جَآءَهُم بِٱلۡحَقِّ وَأَكۡثَرُهُمۡ لِلۡحَقِّ كَٰرِهُونَ} (70)

الجنة : الجنون وكانوا يعلمون أنه بريء منها وأنه أرجحهم عقلاً وأثقبهم ذهناً ، ولكنه جاءهم بما خالف شهواتهم وأهواءهم ، ولم يوافق ما نشأوا عليه ، وسيط بلحومهم ودمائهم من اتباع الباطل ، ولم يجدوا له مردّاً ولا مدفعاً لأنه الحق الأبلج والصراط المستقيم ، فأَخلدوا إلى البهت وعوّلوا على الكذب من النسبة إلى الجنون والسحر والشعر .

فإن قلت : قوله : { وَأَكْثَرُهُمْ } فيه أن أقلهم كانوا لا يكرهون الحق . قلت : كان فيهم من يترك الإيمان به أنفة واستنكافاً من توبيخ قومه وأن يقولوا صبأ وترك دين آبائه ، لا كراهة للحق ، كما يحكى عن أبي طالب .

فإن قلت : يزعم بعض الناس أنّ أبا طالب صحّ إسلامه . قلت : يا سبحان الله ، كأن أبا طالب كان أخمل أعمام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى يشتهر إسلام حمزة والعباس رضي الله عنهما ، ويخفى إسلام أبي طالب .