وموقف هؤلاء المقربين إلى الله ، الأبرياء من الذنب والمعصية . موقفهم هكذا صامتين لا يتكلمون إلا بإذن وبحساب . . يغمر الجو بالروعة والرهبة والجلال والوقار . وفي ظل هذا المشهد تنطلق صيحة من صيحات الإنذار ، وهزة للنائمين السادرين في الخمار :
ذلك اليوم الحق . فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا . إنا أنذرناكم عذابا قريبا : يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ، ويقول الكافر : يال ليتني كنت ترابا . .
إنها الهزة العنيفة لأولئك الذين يتساءلون في ارتياب : ( ذلك اليوم الحق ) . . فلا مجال للتساؤل والاختلاف . . والفرصة ما تزال سانحة ! ( فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا ) . . قبل أن تكون جهنم مرصادا ومآبا !
القول في تأويل قوله تعالى : { ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقّ فَمَن شَآءَ اتّخَذَ إِلَىَ رَبّهِ مَآباً * إِنّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً } .
يقول تعالى ذكره : ذلكَ اليَوْمُ يعني : يوم القيامة ، وهو يوم يقوم الروح والملائكة صفا الْحَقّ : يقول : إنه حقّ كائن ، لا شكّ فيه .
وقوله : فَمَنْ شاءَ اتّخَذَ إلى رَبّهِ مآبا يقول : فمن شاء من عباده اتخذ بالتصديق بهذا اليوم الحقّ ، والاستعداد له ، والعمل بما فيه النجاة له من أهواله مآبا ، يعني : مرجعا وهو مَفْعَل ، من قولهم : آب فلان من سفره ، كما قال عُبَيد :
وكُلّ ذِي غَيْبَةٍ يَؤُوبُ *** وغائِبُ المَوْت لا يَؤُوبُ
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَمَنْ شاءَ اتّخَذَ إلى رَبّهِ مآبا قال : اتخذوا إلى الله مآبا بطاعته ، وما يقرّبهم إليه .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة إلى رَبّهِ مآبا قال : سبيلاً .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان مآبا يقول : مرجعا منزلاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.