جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{ذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمُ ٱلۡحَقُّۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ مَـَٔابًا} (39)

القول في تأويل قوله تعالى : { ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقّ فَمَن شَآءَ اتّخَذَ إِلَىَ رَبّهِ مَآباً * إِنّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً } .

يقول تعالى ذكره : ذلكَ اليَوْمُ يعني : يوم القيامة ، وهو يوم يقوم الروح والملائكة صفا الْحَقّ : يقول : إنه حقّ كائن ، لا شكّ فيه .

وقوله : فَمَنْ شاءَ اتّخَذَ إلى رَبّهِ مآبا يقول : فمن شاء من عباده اتخذ بالتصديق بهذا اليوم الحقّ ، والاستعداد له ، والعمل بما فيه النجاة له من أهواله مآبا ، يعني : مرجعا وهو مَفْعَل ، من قولهم : آب فلان من سفره ، كما قال عُبَيد :

وكُلّ ذِي غَيْبَةٍ يَؤُوبُ *** وغائِبُ المَوْت لا يَؤُوبُ

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَمَنْ شاءَ اتّخَذَ إلى رَبّهِ مآبا قال : اتخذوا إلى الله مآبا بطاعته ، وما يقرّبهم إليه .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة إلى رَبّهِ مآبا قال : سبيلاً .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان مآبا يقول : مرجعا منزلاً .