نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمُ ٱلۡحَقُّۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ مَـَٔابًا} (39)

ولما عظم ذلك اليوم بالسكوت خوفاً من ذي الجبروت{ وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همساً }[ طه : 108 ] أشار إليه بما يستحقه زيادة في عظمته فقال : { ذلك } أي المشار إليه لبعد مكانته وعظم{[71255]} رتبته وعلو منزلته { اليوم الحق } أي في اليومية لكونه ثابتاً في نفسه فلا بد من كونه ولا زوال له ثبوتاً لا مرية فيه لعاقل وثابتاً {[71256]}كل ما{[71257]} أثبته وباطلاً كل ما-{[71258]} نفاه . ولما قرر من عظمته ما يعجز غيره عن أن يقرر مثله ، وكان قد خلق القوى والقدر والفعل بالاختيار . فكان من حق كل عاقل تدرع{[71259]} ما ينجى منه ، سبب عن ذلك تنبيهاً على الخلاص منه وحثاً عليه قوله : { فمن شاء } أي-{[71260]} الاتخاذ من المكلفين الذين أذن لهم { اتخذ } أي بغاية جهده { إلى ربه } أي خالقه نفسه المحسن إليه أو رب ذلك اليوم باستعمال قواه التي أعطاه الله إياها في الأعمال الصالحة { مآباً * } أي مرجعاً هو المرجع مما{[71261]} يحصل له فيه الثواب بالإيمان والطاعة ، فإن الله جعل لهم قوة واختياراً ، ولكن لا يقدر أحد منهم على مشيئة شيء إلا بمشيئة الله .


[71255]:من ظ و م، وفي الأصل: عظيم.
[71256]:من ظ و م، وفي الأصل: كما.
[71257]:من ظ و م، وفي الأصل: كما.
[71258]:زيد من ظ و م.
[71259]:من ظ و م، وفي الأصل: تردع.
[71260]:زيد من ظ و م.
[71261]:من ظ و م، وفي الأصل: بما.