مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{ذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمُ ٱلۡحَقُّۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ مَـَٔابًا} (39)

{ ذلك اليوم الحق فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا }

{ ذلك اليوم الحق } ذلك إشارة إلى تقدم ذكره ، وفي وصف اليوم بأنه حق وجوه ( أحدها ) : أنه يحصل فيه كل الحق ، ويندمغ كل باطل ، فلما كان كاملا في هذا المعنى قيل : إنه حق ، كما يقال : فلان خير كله إذا وصف بأن فيه خيرا كثيرا ، وقوله : { ذلك اليوم الحق } يفيد أنه هو اليوم الحق وما عداه باطل ، لأن أيام الدنيا باطلها أكثر من حقها ( وثانيها ) : أن الحق هو الثابت الكائن ، وبهذا المعنى يقال إن الله حق ، أي هو ثابت لا يجوز عليه الفناء ويوم القيامة كذلك فيكون حقا ( وثالثها ) : أن ذلك اليوم هو اليوم الذي يستحق أن يقال له يوم ، لأن فيه تبلى السرائر وتنكشف الضمائر ، وأما أيام الدنيا فأحوال الخلف فيها مكتومة ، والأحوال فيها غير معلومة .

قوله تعالى : { فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا } أي مرجعا ، والمعتزلة احتجوا به على الاختيار والمشيئة ، وأصحابنا رووا عن ابن عباس أنه قال : المراد فمن شاء الله به خيرا هداه حتى يتخذ إلى ربه مآبا .