أما هم فتتمثل لعيونهم وقلوبهم صورة ما فعلوا بيوسف ، ويجللهم الخزي والخجل وهم يواجهونه محسنا إليهم وقد أساءوا . حليما بهم وقد جهلوا . كريما معهم وقد وقفوا منه موقفا غير كريم :
( قالوا : تالله لقد آثرك الله علينا ، وإن كنا لخاطئين ) . .
اعتراف بالخطيئة ، وإقرار بالذنب ، وتقرير لما يرونه من إيثار الله له عليهم بالمكانة والحلم والتقوى والإحسان .
القول في تأويل قوله تعالى : { قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنّا لَخَاطِئِينَ } .
يقول جلّ ثناؤه : قال إخوة يوسف له : تالله لقد فضلك الله علينا وآثرك بالعلم والحلم والفضل ، وَإنْ كُنّا لخاطِئِينَ يقول : وما كنا في فعلنا الذي فعلنا بك في تفريقنا بينك وبين أبيك وأخيك وغير ذلك من صنيعنا الذي صنعنا بك ، إلاّ خاطئين : يعنون مُخْطئين ، يقال منه : خَطِىء فلان يَخْطَأ خَطأً وخِطْأً ، وأخطأ يخطىء إخطاءً ومن ذلك قول أمية بن الأسكر :
وإنّ مُهاجِرَيْنِ تَكَنّفاهُ *** لعَمْرُ اللّهِ قَدْ خَطِئا وَخابا
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السديّ ، قال : لما قال لهم يوسف : أنا يُوسُفُ وَهَذَا أخِي اعتذَروا إليه ، وقالوا : تاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنا وَإنْ كُنّا لَخاطِئِينَ فيما كنا صنعنا بك .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : تاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنا وذلك بعد ما عرّفهم أنفسهم ، يقول : جعلك الله رجلاً حليما .
الإيثار : التفضيل بالعطاء . وصيغة اليمين مستعملة في لازم الفائدة ، وهي علمهم ويقينهم بأن ما ناله هو تفضيل من الله وأنهم عرفوا مرتبتَه ، وليس المقصود إفادة تحصيل ذلك لأن يوسف عليه السلام يعلمه . والمراد : الإيثار في الدنيا بما أعطاه الله من النعم .
واعترفوا بذنبهم إذ قالوا : { وإنّ كنا لخاطئين } . والخاطىء : فاعل الخطيئة ، أي الجريمة ، فنفعت فيهم الموعظة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.