التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدۡ ءَاثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَيۡنَا وَإِن كُنَّا لَخَٰطِـِٔينَ} (91)

قوله : { قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا } أسقم إخوة يوسف مخاطبين أخاهم يوسف أن الله قد فضله عليهم بما آتاه من خصائص ، منها : إيتاؤه الملك بعد الذي لحقه من الأذى والكيد . ومنها : الصبر على البلاء ؛ فقد ألقي في مجاهل الجب حيث الأخطار التي توشك أن تفضي إلى الهلاك ؛ ثم بيعه رقيقا ليكابد من كيد النسوة وامرأة العزيز . ومنها : العلم ؛ فقد أوتي الحكمة والفطانة والمعرفة في العلوم الإلهية . ومنها : التقوى .

لا جرم أن يوسف يأتي في الأوج من الدرجات العلى ، درجات الأبرار والأطهار من المتقين ؛ فهو رسول كريم قد أوتي النبوة وجاءه الوحي من السماء ، ولقد نجا من براثن الكيد العظيم الذي تتداعى تحت إغوائه همم الصناديد من الرجال . لكن يوسف عليه الصلاة والسلام لم تتزعزع إرادته ، وما اضطربت أعصابه ، ولا لانت همته أمام الفتنة الطاغية المغوية من امرأة العزيز ذات المنصب الرفيع وجمال الفاتن .

قوله : { وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ } { إن } ، مخففة{[2289]} يعني : إنا كنا لخاطئين ؛ أي آثمين . وهو من الخطيئة ، وهي الذنب . أو ما تعمده الإنسان قاصدا الإثم . وهو غير الخطأ . فهو ( الخطأ ) ما لم يتعمد . وفاعل الخطأ الذي يقصد الصواب ولم يوفق له{[2290]} . أما إخوة يوسف فقد أقروا بذنبهم وأنهم كانوا خاطئين ؛ أي مذنبين آثمين فيما فعلوه . لكن يوسف كان في غاية الرأفة واللين والشفقة .


[2289]:تفسير الجلالين ص 317.
[2290]:القاموس المحيط ص 48.