ثم بين - سبحانه - ما يترتب على قيام الساعة من أحوال فقال : { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } أى : هى خافضة للأشقياء إلى أسفل الدركات : وهى رافعة للسعداء إلى أعلى الدرجات .
والخفض والرفع يستعملان عند العرب فى المكان والمكانة . وفى العز والإهانة . . . ونسب - سبحانه - الخفض والرفع إلى القيامة على سبيل المجاز .
والمقصود بالآية الكريمة ترغيب الصالحين فى الازدياد من العمل الصالح ، لترفع منزلتهم يوم القيامة ، وترهيب الفاسقين من سوء المصير الذى ينتظرهم ، إذا ما استمروا فى فسقهم وعصيانهم .
ويرى بعضهم أن المراد بالخفض والرفع فى هذا اليوم ، ما يترتب عليه من تناثر النجوم ، ومن تبدل الأرض غير الأرض ، ومن صيرورة الجبال كالعهن المنفوش .
وعلى هذا يكون المقصود بالآية : التهويل من شأن يوم القيامة ، حتى يستعد الخلق لاستقباله ، بالإيمان والعمل الصالح ، حتى لا يصيبهم فيه ما يصيب العصاة المفسدين ، من خزى وهوان .
والآية الكريمة تسع المعنيين ، لأن فى هذا اليوم يرتفع الأخيار وينخفض الأشرار ، ولأن فيه - أيضا - { تُبَدَّلُ الأرض غَيْرَ الأرض والسماوات . . . }
وقوله : { خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ } أي : تحفض{[27981]} أقواما إلى أسفل سافلين إلى الجحيم ، وإن كانوا في الدنيا أعزّاء . وترفع آخرين إلى أعلى عليّين ، إلى النعيم المقيم ، وإن كانوا في الدنيا وضعاء . وهكذا قال الحسن وقتادة ، وغيرهما .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يزيد بن عبد الرحمن بن مصعب المعنى ، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي ، عن أبيه ، عن سِمَاك ، عن عِكْرِمَة ، عن ابن عباس : { خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ } تخفض أناسًا وترفع آخرين .
وقال عبيد الله{[27982]} العتكي ، عن عثمان بن سراقة ، ابن خالة عمر بن الخطاب : { خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ } [ قال{[27983]} ] : الساعة خفضت أعداء الله إلى النار ، ورفعت أولياء الله إلى الجنة .
وقال محمد بن كعب : تخفض رجالا كانوا في الدنيا مرتفعين ، وترفع رجالا كانوا في الدنيا مخفوضين .
وقال السُّدِّيّ : خفضت المتكبرين ، ورفعت المتواضعين .
وقال العَوْفِيّ ، عن ابن عباس : { خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ } أسمعت القريب والبعيد . وقال عكرمة : خفضت فأسمعت الأدنى ، ورفعت فأسمعت الأقصى . وكذا قال الضحاك ، وقتادة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.