{ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } في الدنيا ، من خير وشر ، قليل وكثير . { لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ } على أحد ، بزيادة في سيئاته ، أو نقص من حسناته . { إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } أي : لا تستبطئوا ذلك اليوم فإنه آت ، وكل آت قريب . وهو أيضا سريع المحاسبة لعباده يوم القيامة ، لإحاطة علمه وكمال قدرته .
وبعد أن قرر - سبحانه - أن الملك فى هذا اليوم له وحده . أتبع ذلك ببيان ما يحدث فى هذا اليوم فقال : { اليوم تجزى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ . . . } .
أى : فى هذا اليوم الهائل الشديد تجازى كل نفس من النفوس المؤمنة والكافرة ، والبارة والفاجرة . بما كسبت فى دنياها من خير أو شر ، ومن طاعة أو معصية .
{ لاَ ظُلْمَ اليوم } ولا جور ولا محاباة ولا وساطات . . وإنما تعطى كل نفس ما تستحقه من ثواب أو عقاب .
{ إِنَّ الله سَرِيعُ الحساب } لأنه - سبحانه - لا يحتاج إلى تفكير عند محاسبته لخلقه ، بل هو - سبحانه - قد أحاط بكل شئ علما ، كما قال - تعالى - : { عَالِمِ الغيب لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السماوات وَلاَ فِي الأرض وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }
( اليوم تجزى كل نفس بما كسبت . لا ظلم اليوم . إن الله سريع الحساب ) . .
اليوم يوم الجزاء الحق . اليوم يوم العدل . اليوم يوم القضاء الفصل . بلا إمهال ولا إبطاء .
ويخيم الجلال والصمت ، ويغمر الموقف رهبة وخشوع ، وتسمع الخلائق وتخشع ، ويقضى الأمر ، وتطوى صحائف الحساب .
ويتسق هذا الظل مع قوله عن الذين يجادلون في آيات الله - في مطلع السورة - : ( فلا يغررك تقلبهم في البلاد ) . . فهذه نهاية التقلب في الأرض ، والاستعلاء بغير الحق ، والتجبر والتكبر والثراء والمتاع .
{ اليوم تجزى كل نفس بما كسبت } كأنه نتيجة لما سبق ، وتحقيقه أن النفوس تكتسب بالعقائد والأعمال هيئات توجب لذتها وأملها لكنها لا تشعر بها في الدنيا لعوائق تشغلها ، فإذا قامت قيامتها زالت العوائق وأدركت لذاتها وألمها . { لا ظلم اليوم } ينقص الثواب وزيادة العقاب { إن الله سريع الحساب } إذ لا يشغله شأن عن شأن فيصل إليهم ما يستحقونه سريعا .
ثم يعلم تعالى أهل الموقف بأنه يوم المجازاة بالأعمال صالحها وسيئها ، وهذه الآية نص في أن الثواب والعقاب معلق باكتساب العبيد ، وأنه يوم لا يوضع فيه أمر غير موضعه ، وذلك قوله : { لا ظلم اليوم } . ثم أخبرهم عن نفسه بسرعة الحساب ، وتلك عبارة عن إحاطته بالأشياء علماً ، فهو يحاسب الخلائق في ساعة واحدة كما يرزقهم ، لأنه لا يحتاج إلى عد وفكرة ، لا رب غيره ، وروي أن يوم القيامة لا ينتصف حتى يقيل المؤمنون في الجنة والكافرون في النار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.