السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡۚ لَا ظُلۡمَ ٱلۡيَوۡمَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (17)

ولما أخبر تعالى عن إذعان كل نفس بانقطاع الأسباب أخبرهم بما يزيد رعبهم ويبعث رغبتهم وهو نتيجة تفرده بالملك فقال تعالى : { اليوم تجزى } أي : تقضى وتكافأ { كل نفس بما } أي : بسبب ما { كسبت } أي : عملت لا تترك نفس واحدة لأن العلم قد شملهم والقدرة قد أحاطت بهم وعمتهم ، والحكمة قد منعت إهمال أحد منهم فيجزى المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته { لا ظلم اليوم } أي : بوجه من الوجوه { إن الله } أي : التام القدرة الشامل للعلم { سريع الحساب } أي : بليغ السرعة فيه لا يشغله حساب أحد عن حساب غيره في وقت حساب ذلك الغير ولا يشغله شأن عن شأن لأنه تعالى لا يحتاج إلى تكلف عدّ ولا يفتقر إلى مراجعة كتاب ولا شيء ، فكان في ذلك ترجية وخوف الفريقين لأن المؤمن يرجو إسراع البسط بالثواب والظالم يخشى إسراع الأخذ بالعذاب ، وعن ابن عباس : إذا أخذ في حسابهم لم يقل أهل الجنة إلا فيها ولا أهل النار إلا فيها .