فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡۚ لَا ظُلۡمَ ٱلۡيَوۡمَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (17)

{ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } هذا من تمام الجواب على القول بأن المجيب هو الله سبحانه ، وأما على القول بأن المجيب هم العباد كلهم ، أو بعضهم ، فهو مستأنف لبيان ما يقوله الله سبحانه بعد جوابهم ، أي اليوم تجزى كل نفس بما عملت في الدنيا من خير وشر { لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ } على أحد منهم بنقص من ثوابه ، أو بزيادة في عقابه .

{ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } أي سريع حسابه ، لأنه سبحانه لا يحتاج إلى تفكر في ذلك كما يحتاجه غيره لإحاطة علمه بكل شيء { فلا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ } قيل : يحاسب جميع الخلق في قدر نصف نهار من أيام الدنيا لأنه تعالى لا يشغله حساب عن حساب ، يحاسب الخلق في وقت واحد ، الحديث ورد بذلك .

وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود قال : ( يجمع الله الخلق كلهم يوم القيامة بصعيد واحد بأرض بيضاء ، كأنها سبيكة فضة لم يعص الله فيها قط ، فأول ما يتكلم أن ينادي مناد : لمن الملك اليوم إلى قوله . " الحساب " أخرجه عبد بن حميد ، قال : ما يبدأ به من الخصومات الدماء ، وقال ابن عباس ينادي مناد بين يدي الساعة : يا أيها الناس أتتكم الساعة فيسمعها الأحياء والأموات وينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول : لمن الملك اليوم لله الواحد القهار الآية .

وأخرج ابن أبي الدنيا في البعث والديلمي عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله