الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡۚ لَا ظُلۡمَ ٱلۡيَوۡمَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (17)

وكذلك إن قتل جماعة أذيق{[59517]} القتل كما أذاقهم في الدنيا وهو قوله تعالى{[59518]} : { اليوم تجزى كل نفس بما كسبت } الآية . أي : تثاب بما{[59519]} عملت في الدنيا لا يظلم أحد فيعاقب بما لم يفعل ولا يضيع ظلمه ( عند من ظلمه ){[59520]} .

{ إن الله سريع الحساب } ، أي : ذو سرعة في محاسبته{[59521]} عبادة يومئذ على أعمالهم .

روي أن ذلك اليوم لا ينتصف حتى يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار قد فرغ الله عز وجل من حسابهم والفصل بينهم{[59522]} .

فالمعنى : إنه تعالى لا تشغله{[59523]} محاسبة أحد عن محاسبة أحد .

وقد روي أنه تعالى يحاسب الخلق كلهم في مقدار حلب شاة{[59524]} ، وإنما{[59525]} هو تعالى يريد حساب كل نفس ويحدثه فيحدث لكل واحد منهم محاسبة في الحال التي{[59526]} يحدث{[59527]} فيها المحاسبة{[59528]} والمساءلة لأن بعض كلامه لا يشغله عن بعض ، وكذلك بعض خلقه لا يشغله عن بعض ، وهذه هي الصفات التي لا يشاركه{[59529]} فيها أحد ، ليس كمثله شيء . ولا يجوز لأحد أن يتأول أو يتخايل إليه في محاسبة الله سبحانه خلقه أنه يحاسبهم بكلام أو لسان . تعالى الله عن الجوارح وعن مشابهة المخلوقين ، إنما يحدث لكل إنسان محاسبة في الحال التي يريد محاسبته فيها . فافهم هذا ونزه الله عن التشبيه بالمخلوقين .


[59517]:(ت): أذوقوا.
[59518]:انظر: تفسير ابن مسعود 547، وإعراب النحاس 4/28، وجامع القرطبي 15/300، والدر المنثور 5/348، وقد ورد القول مختصرا في إعراب النحاس، وجامع القرطبي.
[59519]:(ح): عما.
[59520]:ساقط من (ح).
[59521]:(ح): محاسبة.
[59522]:انظر: جامع البيان 24/33 والمحرر الوجيز 14/424.
[59523]:(ح): لا يشغله.
[59524]:(ت): شات.
[59525]:(ح): فإنما.
[59526]:(ت): الذي.
[59527]:(ح): يحذف.
[59528]:(ت): محاسبة، و(ح) الحسبة.
[59529]:(ت): لا يشركه.