المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ} (35)

35- وما يُرزَق هذه الخصلة - وهى دفع السيئة بالحسنة - إلا الذين عندهم خُلق الصبر ، وما يُرزقها إلا ذو نصيب عظيم من خصال الخير وكمال النفس .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ} (35)

قوله تعالى : { وما يلقاها } ما يلقى هذه الخصلة وهي دفع السيئة بالحسنة ، { إلا الذين صبروا } على كظم الغيظ واحتمال المكروه ، { وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم } في الخير والثواب ، وقال قتادة : الحظ العظيم : الجنة ، أي : ما يلقاها إلا من وجبت له الجنة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ} (35)

{ وَمَا يُلَقَّاهَا } أي : وما يوفق لهذه الخصلة الحميدة { إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا } نفوسهم على ما تكره ، وأجبروها على ما يحبه الله ، فإن النفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته وعدم العفو عنه ، فكيف بالإحسان ؟ " .

فإذا صبر الإنسان نفسه ، وامتثل أمر ربه ، وعرف جزيل الثواب ، وعلم أن مقابلته للمسيء بجنس عمله ، لا يفيده شيئًا ، ولا يزيد العداوة إلا شدة ، وأن إحسانه إليه ، ليس بواضع قدره ، بل من تواضع للّه رفعه ، هان عليه الأمر ، وفعل ذلك ، متلذذًا مستحليًا له .

{ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } لكونها من خصال خواص الخلق ، التي ينال بها العبد الرفعة في الدنيا والآخرة ، التي هي من أكبر خصال مكارم الأخلاق .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ} (35)

ولما كانت هذه الأخلاق تحتاج إلى مجاهدة للنفس . . عقب - سبحانه - على هذه التوجيهات السامية بقوله : { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الذين صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } .

والضمير فى { يُلَقَّاهَا } يعود إلى تلك الخصال الكريمة السابقة ، التى على رأسها الدفع بالتى هى أحسن .

أى : وما يستطيع القيام بتلك الأخلاق العظيمة التى على رأسها الدعوة إلى الله ومقابلة السيئة بالحسنة . . إلا الذين صبروا على المكاره وعلى الأذى .

وما يستطيعها - أيضا - إلا صاحب الحظ الوافر ، والنصيب الكبير ، من توفيق الله - تعالى - له إلى مكارم الأخلاق .

والمتأمل فى هذه الآيات الكريمة يراها قد رسمت للمسلم أحكم الطرق ، وأفضل الوسائل ، التى ترفع درجته عند - خالقه - تعالى - .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ} (35)

( وما يلقاها إلا الذين صبروا ، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ) . .

إنها درجة عالية إلى حد أن رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وهو الذي لم يغضب لنفسه قط ؛ وإذا غضب لله لم يقم لغضبه أحد . قيل له - وقيل لكل داعية في شخصه - :

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ} (35)

ثم قال : { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا } أي : وما يقبل{[25734]} هذه الوصية ويعمل بها إلا من صبر على ذلك ، فإنه يشق على النفوس ، { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } أي : ذو نصيب وافر من السعادة في الدنيا والآخرة .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في تفسير هذه الآية : أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب ، والحلم عند الجهل ، والعفو عند الإساءة ، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان ، وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم .


[25734]:- (3) في أ: "يتقبل".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ} (35)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَا يُلَقّاهَا إِلاّ الّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقّاهَآ إِلاّ ذُو حَظّ عَظِيمٍ * وَإِمّا يَنزَغَنّكَ مِنَ الشّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنّهُ هُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ } .

يقول تعالى ذكره : وما يُعطَى دفع السيئة بالحسنة إلا الذين صبروا لله على المكاره ، والأمور الشاقة وقال : وَما يُلَقّاها ولم يقل : وما يلقاه ، لأن معنى الكلام : وما يلقى هذه الفعلة من دفع السيئة بالتي هي أحسن .

وقوله : وَما يُلَقّاها إلاّ ذُو حَظّ عَظِيمٍ يقول : وما يلقى هذه إلا ذو نصيب وجدّ له سابق في المبرات عظيم ، كما :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : وَما يُلَقّاها إلاّ ذُو حَظّ عَظِيمٍ : ذو جدّ .

وقيل : إن ذلك الحظّ الذي أخبر الله جلّ ثناؤه في هذه الاَية أنه لهؤلاء القوم هو الجنة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَما يُلَقّاها إلاّ الّذِينَ صَبرُوا . . . الاَية . والحظّ العظيم : الجنة . ذُكر لنا أن أبا بكر رضي الله عنه شتمه رجل ونبيّ الله صلى الله عليه وسلم شاهد ، فعفا عنه ساعة ، ثم إن أبا بكر جاش به الغضب ، فردّ عليه ، فقام النبيّ صلى الله عليه وسلم فاتبعه أبو بكر ، فقال يا رسول الله شتمني الرجل ، فعفوت وصفحت وأنت قاعد ، فلما أخذت أنتصر قمت يا نبيّ الله ، فقال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم : «إنّهُ كانَ يَرُدّ عَنْكَ مَلَكٌ مِنَ المَلائِكَةَ ، فَلَمّا قَرُبْتَ تَنْتَصِرُ ذَهَبَ المَلَكُ وَجاءَ الشّيْطانُ ، فَوَالله ما كُنْتُ لأُجالِسَ الشّيْطانَ يا أبا بَكْرٍ » .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَما يُلَقّاها إلاّ الّذِينَ صَبرُوا وَما يُلَقّاها إلاّ ذُو حَظّ عَظِيمٍ يقول : الذين أعدّ الله لهم الجنة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ} (35)

{ وما يلقاها } وما يلقى هذه السجية وهي مقابلته الإساءة بالإحسان . { إلا الذين صبروا } فإنها تحبس النفس عن الانتقام . { وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم } من الخير وكمال النفس وقيل الحظ الجنة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ} (35)

والضمير في قوله : { يلقاها } عائد على هذه الخلق التي يتضمنها قوله : { ادفع بالتي هي أحسن } . وقالت فرقة : المراد : وما يلقى لا إله إلا الله ، وهذا تفسير لا يقتضيه اللفظ .

وقوله : { إلا الذين صبروا } مدح بليغ للصبر ، وذلك بينّ للمتأمل ، لأن الصبر للطاعات وعن الشهوات جامع لخصال الخير كلها . والحظ العظيم : يحتمل أن يريد من العقل والفضل ، فتكون الآية مدحاً . وروي أن رجلاً شتم أبا بكر الصديق بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فسكت أبو بكر ساعة ، ثم جاش بها لغضب فرد على الرجل ، فقام النبي عليه السلام فاتبعه أبو بكر وقال : يا رسول الله قمت حين انتصرت ، فقال إنه كان يرد عنك ملك ، فلما قربت تنتصر ، ذهب الملك وجاء الشيطان ، فما كنت لأجالسه{[10079]} ، ويحتمل أن يريد : { ذو حظ عظيمٍ } من الجنة وثواب الآخرة ، فتكون الآية وعداً ، وبالجنة فسر قتادة الحظ هنا .


[10079]:أخرجه الإمام أحمد في مسنده 2- 436، عن أبي هريرة رضي الله عنه، وفي آخره زيادة على ما هنا (ثم قال: يا أبا بكر ثلاث كلهن حق: ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضي عنها لله عز وجل إلا أعز الله بها نصره، وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله عز وجل بها قلة.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ} (35)

عطف على جملة { ادفع بالتي هي أحسن } [ فصلت : 34 ] ، أو حال من ( التي هي أحسن ) ، وضمير { يُلَقَّاهَآ } عائد إلى ( التي هي أحسن ) باعتبار تعلقها بفعل ( ادْفَعْ ) ، أي بالمعاملة والمدافعة التي هي أحسن ، فأما مطلق الحسنة فقد يحصل لغير الذين صبروا .

وهذا تحريض على الارتياض بهذه الخصلة بإظهار احتياجها إلى قوة عزم وشدة مراس للصبر على ترك هوى النفس في حب الانتقام ، وفي ذلك تنويه بفضلها بأنها تلازمها خصلة الصبر وهي في ذاتها خصلة حميدة وثوابها جزيل كما علم من عدة آيات في القرآن ، وحسبك قوله تعالى : { إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } [ العصر : 2 ، 3 ] . فالصابر مرتاض بتحمل المكاره وتجرع الشدائد وكظم الغيظ فيهون عليه ترك الانتقام .

و { يُلقَّاها } يُجعل لاَقِياً لها ، أي كقوله تعالى : { ولقاهم نضرة وسروراً } [ الإنسان : 11 ] ، وهو مستعار للسعي لتحصيلها لأن التحصيل على الشيء بعد المعالجة والتخلق يشبه السعي لملاقاة أحد فيلقاه . وجيء في { يلقاها } بالمضارع في الموضعين باعتبار أن المأمور بالدفع بالتي هي أحسن مأمور بتحصيل هذا الخلق في المستقبل ، وجيء في الصلة وهي { الَّذِينَ صَبَرُوا } بالماضي للدلالة على أن الصبر خلُق سابق فيهم هو العون على معاملة المسيء بالحسنى ، ولهذه النكتة عدل عن أن يقال : إلا الصابرون ، لنكتة كون الصبر سجية فيهم متأصلة . ثم زيد في التنويه بها بأنها ما تَحْصُل إلا لِذي حظ عظيم .

والحظ : النصيب من الشيء مطلقاً ، وقيل : خاص بالنصيب من خير ، والمراد هنا : نصيب الخير ، بالقرينة أو بدلالة الوضع ، أي ما يحصل دفع السيئة بالحسنة إلا لصاحب نصيب عظيم من الفضائل ، أي من الخلق الحسن والاهتداء والتقوى .

فتحصَّل من هذين أن التخلق بالصبر شرط في الاضطلاع بفضيلة دفع السيئة بالتي هي أحسن ، وأنه ليس وحده شرطاً فيها بل وراءه شروط أُخر يجمعها قوله : { حَظٍ عظيم } ، أي من الأخلاق الفاضلة ، والصبرُ من جملة الحظ العظيم لأن الحظ العظيم أعمّ من الصبر ، وإنما خص الصبر بالذكر لأنه أصلها ورأس أمرها وعمودُها .

وفي إعادة فعل { ومَا يُلقاها } دون اكتفاء بحرف العطف إظهار لمزيد الاهتمام بهذا الخبر بحيث لا يستِتر من صريحه شيء تحتَ العاطف .

وأفاد { ذُو حَظّ عَظِيمٍ } أن الحظ العظيم من الخير سجيتُه وملكته كما اقتضته إضافة { ذو } . وحاصل ما أشار إليه الجملتان أنّ مِثْلَك من يتلقى هذه الوصية وما هي بالأمر الهيّن لكل أحد .