جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٖ} (35)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَا يُلَقّاهَا إِلاّ الّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقّاهَآ إِلاّ ذُو حَظّ عَظِيمٍ * وَإِمّا يَنزَغَنّكَ مِنَ الشّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنّهُ هُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ } .

يقول تعالى ذكره : وما يُعطَى دفع السيئة بالحسنة إلا الذين صبروا لله على المكاره ، والأمور الشاقة وقال : وَما يُلَقّاها ولم يقل : وما يلقاه ، لأن معنى الكلام : وما يلقى هذه الفعلة من دفع السيئة بالتي هي أحسن .

وقوله : وَما يُلَقّاها إلاّ ذُو حَظّ عَظِيمٍ يقول : وما يلقى هذه إلا ذو نصيب وجدّ له سابق في المبرات عظيم ، كما :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : وَما يُلَقّاها إلاّ ذُو حَظّ عَظِيمٍ : ذو جدّ .

وقيل : إن ذلك الحظّ الذي أخبر الله جلّ ثناؤه في هذه الاَية أنه لهؤلاء القوم هو الجنة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَما يُلَقّاها إلاّ الّذِينَ صَبرُوا . . . الاَية . والحظّ العظيم : الجنة . ذُكر لنا أن أبا بكر رضي الله عنه شتمه رجل ونبيّ الله صلى الله عليه وسلم شاهد ، فعفا عنه ساعة ، ثم إن أبا بكر جاش به الغضب ، فردّ عليه ، فقام النبيّ صلى الله عليه وسلم فاتبعه أبو بكر ، فقال يا رسول الله شتمني الرجل ، فعفوت وصفحت وأنت قاعد ، فلما أخذت أنتصر قمت يا نبيّ الله ، فقال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم : «إنّهُ كانَ يَرُدّ عَنْكَ مَلَكٌ مِنَ المَلائِكَةَ ، فَلَمّا قَرُبْتَ تَنْتَصِرُ ذَهَبَ المَلَكُ وَجاءَ الشّيْطانُ ، فَوَالله ما كُنْتُ لأُجالِسَ الشّيْطانَ يا أبا بَكْرٍ » .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَما يُلَقّاها إلاّ الّذِينَ صَبرُوا وَما يُلَقّاها إلاّ ذُو حَظّ عَظِيمٍ يقول : الذين أعدّ الله لهم الجنة .