ثم يتوجه الخطاب إلى المشركين وما يعبدون من آلهة مزعومة ، وما هم عليه من عقائد منحرفة . يتوجه الخطاب إليهم ، من الملائكة كما يبدو من التعبير :
( فإنكم وما تعبدون ، ما أنتم عليه بفاتنين ، إلا من هو صال الجحيم . وما منا إلا له مقام معلوم . وإنا لنحن الصافون . وإنا لنحن المسبحون ) .
أي إنكم وما تعبدون لا تفتنون على الله ولا تضلون من عباده إلا من هو محسوب من أهل الجحيم ، الذين قدر عليهم أن يصلوها . وما أنتم بقادرين على فتنة قلب مؤمن الفطرة محسوب من الطائعين . فللجحيم وقود من نوع معروف ، طبيعته تؤهله أن يستجيب للفتنة ؛ ويستمع للفاتنين .
وقوله تعالى : { فإنكم وما تعبدون } بمعنى قل لهم يا محمد إنكم وإصنامكم ما أنتم بمضلين أحداً بسببها . وعليها الأمر سبق عليه القضاء وضمه القدر ، بأنه يصلى الجحيم في الآخرة ، وليس عليكم إضلال من هدى الله تعالى ، وقالت فرقة { عليه } ، بمعنى به ، و «الفاتن » المضل في هذا الموضع وكذلك فسر ابن عباس والحسن بن أبي الحسن ، وقال ابن الزبير على المنبر : إن الله هو الهادي والفاتن ، و { من } في موضع نصب { بفاتنين } .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{فإنكم}: يعني كفار مكة، {وما تعبدون} من الآلهة.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره:"فإنّكُمْ" أيها المشركون بالله "وَما تَعْبُدُونَ "من الآلهة والأوثان "ما أنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ".
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما نزه نفسه المقدس سبحانه عن كل نقص، دل على ذلك بأنهم وجميع ما يعبدونه من دونه لا يقدرون على شيء لم يقدره، فقال مسبباً عن التنزيه مؤكداً تكذيباً لمن يظن أن غير الله يملك شيئاً مواجهاً لهم بالخطاب لأنه أنكى وأجدر بالإغضاب: {فإنكم وما تعبدون} أي من الأصنام وغيرها من كل من زعمتموه إلهاً...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
عُقب قولهم في الملائكة والجن بهذا لأن قولهم ذلك دعاهم إلى عبادة الجن وعبادة الأصنام التي سوّلها لهم الشيطان وحرّضهم عليها الكهانُ خدَمَةُ الجنّ فعقب ذلك بتأييس المشركين من إدخال الفتنة على المؤمنين في إيمانهم بما يحاولون منهم من الرجوع إلى الشرك، أو هي فاء فصيحة، والتقدير: إذا علمتم أن عباد الله المخلصين منزّهون عن مثل قولكم، فإنكم لا تفتنون إلا من هو صالي الجحيم.
فيجوز أن يكون هذا الكلام داخلاً في حيز الاستفتاء من قوله: {فاستفتهم ألربك البنات} الآية. ويجوز أن يكون تفريعاً على قوله: {وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً} الآية. والواو في قوله: {وما تعبُدُونَ} واو العطف أو واو المعية وما بعدها مفعول معه والخبر هو {ما أنتم عليه بفاتِنينَ}.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.