فاستجاب اللّه له وقال : { فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ } وهذا إسماعيل عليه السلام بلا شك ، فإنه ذكر بعده البشارة [ بإسحاق ، ولأن اللّه تعالى قال في بشراه بإسحاق { فَبَشَّرْنَاهَا ] بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } فدل على أن إسحاق غير الذبيح ، ووصف اللّه إسماعيل ، عليه السلام بالحلم ، وهو يتضمن الصبر ، وحسن الخلق ، وسعة الصدر والعفو عمن جنى .
وأجاب الله - تعالى - دعاء عبده إبراهيم ، كما حكى ذلك فى قوله : { فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ } .
أى : فاستجبنا لإِبراهيم دعاءه فبشرناه على لسان ملائكتنا بغلام موصوف بالحلم وبمكارم الأخلاق .
قال صاحب الكشاف : - وقد انطوت البشارة على ثلاثة : على أن الولد غلام ذكر ، وأنه يبلغ أوان الحلم ، وأنه يكون حليما .
وهذا الغلام الذى بشره الله - تعالى - به . المقصود به هنا إسماعيل - عليه السلام - .
واستجاب الله دعاء عبده الصالح المتجرد ، الذي ترك وراءه كل شيء ، وجاء إليه بقلب سليم . .
هو إسماعيل - كما يرجح سياق السيرة والسورة - وسنرى آثار حلمه الذي وصفه ربه به وهو غلام . ولنا أن نتصور فرحة إبراهيم الوحيد المفرد المهاجر المقطوع من أهله وقرابته . لنا أن نتصور فرحته بهذا الغلام ، الذي يصفه ربه بأنه حليم .
القول في تأويل قوله تعالى : { فَبَشّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ * فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ السّعْيَ قَالَ يَبُنَيّ إِنّيَ أَرَىَ فِي الْمَنَامِ أَنّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىَ قَالَ يَأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِيَ إِن شَآءَ اللّهُ مِنَ الصّابِرِينَ } .
يقول تعالى ذكره : فبشّرنا إبراهيم بغلام حليم ، يعني بغلام ذي حِلْم إذا هو كَبِر ، فأما في طفولته في المهد ، فلا يوصف بذلك . وذُكر أن الغلام الذي بَشّر الله به إبراهيم إسحاق . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا الحسين ، عن يزيد ، عن عكرمة : فَبَشّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ قال : هو إسحاق .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَبَشّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ بشر بإسحاق ، قال : لم يُثْنَ بالحلم على أحد غير إسحاق وإبراهيم .
ولقوله : { فبشرناه بغلام حليم } بشره بالولد وبأنه ذكر يبلغ أوان الحلم ، فإن الصبي لا يوصف بالحلم ويكون حليما وأي حلم مثل حلمه حين عرض عليه أبوه الذبح وهو مراهق فقال { ستجدني إن شاء الله من الصابرين } وقيل ما نعت الله نبيا بالحلم لعزة وجوده غير إبراهيم وابنه عليهما الصلاة والسلام ، وحالهما المذكورة بعد تشهد عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.