وبعد أن مدح - سبحانه - المؤمنين بتلك الصفات الطيبة ، أتبع ذلك ببيان ما عليه غيرهم من ضلال وحيرة فقال : { إِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ } .
وقوله : { زَيَّنَّا } من التزيين ، بمعنى التحسين والتجميل .
و { يَعْمَهُونَ } من العمه بمعنى التحير والتردد . يقال : عمه فلان - كفرح ومنع - إذا تحير وتردد فى أمره .
والمعنى : إن الذين لا يؤمنون بالدار الآخرة وما فيه من ثواب وعقاب ، { زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ } أى : حسناها لهم ، وحببناها إليهم ، بسبب استحبابهم العمى على الهدى ، والغى على الرشد { فَهُمْ يَعْمَهُونَ } أى : فهم يتحيرون ويتخبطون ويرتكبون ما يرتكبون من قبائح ، ظنا منهم أنها محاسن .
وصدق الله إذ يقول : { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سواء عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ الله يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ . . . }
القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ زَيّنّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ * أُوْلََئِكَ الّذِينَ لَهُمْ سُوَءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الاَخِرَةِ هُمُ الأخْسَرُونَ } .
يقول تعالى ذكره : إن الذين لا يصدّقون بالدار الاَخرة ، وقيام الساعة ، وبالمعاد إلى الله بعد الممات والثواب والعقاب زَيّنا لَهُمْ أعمالَهُمْ يقول : حببنا إليهم قبيح أعمالهم ، وسهّلنا ذلك عليهم فَهُمْ يَعْمَهُونَ يقول : فهم في ضلال أعمالهم القبيحة التي زيّناها لهم يتردّدون حيارى ، يحسبون أنهم يحسنون .
ثم ذكر تعالى الكفرة { الذين لا يؤمنون } بالبعث ، والإشارة إلى قريش ، وقوله { زينا لهم أعمالهم } يحتمل أن يريد أنه تعالى جعل عقابهم على كفرهم أن حتم عليهم الكفر وحبب إليهم الشرك ، وزينه بأن خلقه واخترعه في نفوسهم ، ومع ذلك اكتسابهم وحرصهم ، وهذا على أن تكون الأعمال المزينة كفرهم وطغيانهم ويحتمل أن الأعمال المزينة هي الشريعة التي كان الواجب أن تكون أعمالهم ، فأخبر الله تعالى على جهة الذكر لنقصهم أنه بفضله ونعمته زين الدين وبينه ، ورسم الأعمال والتوحيد لكن هؤلاء { يعمهون } ، ويعرضون ، والعمه : الحيرة والتردد في الضلال ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.